باب في الرخصة فيه
2452 - حدثنا مُحَمّدُ بنُ كَثِيرٍ أنْبأنَا سُفْيَانُ ح. وأخبرنا عُثْمَانُ بنُ أبي شَيْبَةَ أخبرنا وَكِيعٌ جَمِيعاً عن طَلْحَةَ بنِ يَحْيَى عن عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: كَانَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذَا دَخَلَ عَلَيّ قال: هَلْ عِنْدَكُم طَعَامٌ؟ فإذَا قُلْنَا لاَ، قال: "إنّي صَائِمٌ". زَادَ وَكِيعٌ: فَدَخَلَ عَلَيْنَا يَوْماً آخَرَ، فَقُلْنَا: يَارَسُولَ الله أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَحَبَسْنَاهُ لَكَ، فقال: "أدْنِيه"ِ. فأصْبَحَ صَائِماً وَأفْطَرَ[فأفطر].
ـــــــ
"باب في الرخصة فيه"
أي في ترك النية بالليل.
"هل عندكم طعام فإذا قلنا لا قال إني صائم الخ": قال الخطابي فيه نوعان من الفقه أحدهما جواز تأخير نية الصوم عن أول النهار إذا كان تطوعاً والآخر جواز إفطار الصائم قبل الليل إذا كان متطوعاً به. ولم يذكر في الحديث إيجاب القضاء. وكان غير واحد من الصحابة يذهب إلى ذلك منهم ابن مسعود وحذيفة وأبو الدرداء وأبو أيوب الأنصاري رضي الله عنهم، وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يصوم تطوعاً حتى يجمع من الليل. وقال جابر بن زيد لا يجزئه في التطوع حتى يبيت النية. وقال مالك بن أنس في صوم النافلة لا أحب أن يصوم أحد إلا أن يكون قد نوى الصيام من الليل "حيس": هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن وقد يجعل عوض الأقط الدقيق "أدنيه": من الإدناء أي قربيه. قال المنذري وأخرجه
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله:
زاد النسائي فأكل وقال ولكن أصوم يوما مكانه ثم قال هذا خطأ قال عبد الحق قد روى الحديث جماعة عن طلحة فلم يذكر أحد منهم ولكن أصوم يوما مكانه وهذه الزيادة هي من رواية سفيان بن عيينة عن طلحة ولفظ النسائي فيه عن مجاهد عن عائشة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: "هل عندكم شيء؟ فقلت لا فقال: "فإني صائم" ثم مر بي بعد ذلك اليوم وقد أهدي لنا حيس فخبأت له منه وكان يحب الحيس. قالت يارسول الله إنه أهدي لنا حيس فخبأت لك منه قال: "أدنيه أما إني قد أصبحت وأنا صائم" فأكل منه ثم قال: "إنما مثل صوم المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها" وفي لفظ النسائي ياعائشة إنما منزلة من صام في غير رمضان أو في غير قضاء رمضان أو في التطوع بمنزلة رجل أخرج صدقة من ماله فجاد منها بما شاء فأمضاه وبخل بما بقي فأمسكه وفي لفظ له عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين
(7/90)
2453 - حدثنا عُثْمَانُ بنُ أبي شَيْبَةَ أخبرنا جَرِيرُ بنُ عَبْدِالْحَمِيدِ عن يَزِيدَ بنِ أبي زِيَادٍ عن عَبْدِالله بنِ الْحَارِثِ عن أُمّ هَانىءٍ قالَتْ: لَمّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ - فَتْحِ مَكّةَ - جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَجَلَسَتْ عن يَسَارِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَأُمّ هَانىءٍ عن يَمِينِهِ، قالَتْ: فَجَاءَتِ الْوَلِيدَةُ بإنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ، فَنَاوَلَتْهُ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمّ نَاوَلَهُ أُمّ هَانىءٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ، فَقالَتْ: يَارَسُولَ الله لَقَدْ أفْطَرْتُ وَكُنْتُ صَائِمَةً، فقالَ لَهَا: أكُنْتِ تَقْضِينَ شَيئاً؟ قالَتْ: لاَ، قالَ: "فَلاَ يَضُرّكِ إنْ كَانَ تَطَوّعاً".
ـــــــ
مسلم والترمذي والنسائي وفي رواية لمسلم "فإني إذاً صائم" وأخرجه البيهقي وفيه قال "إني أصوم" وقال وهذا إسناد صحيح.
"الوليدة": أي الأمة "فناولته": أي الجارية، والضمير المنصوب له صلى الله عليه وسلم والمفعول الثاني مقدر وهو الإناء "أكنت تقضين": أي بهذا الصوم "شيئاً": أي من الواجبات عليك "فلا يضرك": أي ليس عليك إثم في فطرك "إن كان": أي صومك "تطوعاً": وهو للتأكيد قاله القاري. قال الخطابي: في هذا بيان أن القضاء غير واجب إذا أفطر في تطوع، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما، وإليه ذهب الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يلزمه القضاء إذا أفطر. وقال مالك بن أنس: إذا أفطر من غير علة يلزمه القضاء. قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وفي إسناده مقال ولا يثبت. وفي إسناده اختلاف كثير أشار إليه النسائي. وقال الترمذي: في إسناده مقال والله أعلم.
قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: "هل عندكم من طعام؟ قلت: لا. قال: "إني إذن أصوم" قالت ثم دخل مرة أخرى فقلت قد أهدي لنا حيس فقال: "إذن أفطر، وقد فرضت الصوم".
وفيه حجة على المسألتين جواز إنشاء صوم التطوع بنية من النهار وجواز الخروج منه بعد الدخول فيه وأما زيادة النسائي تمثيله بالصدقة يخرجها الرجل فهذا اللفظ قد رواه مسلم في صحيحه من قول مجاهد قال طلحة بن يحيى فحدثت مجاهدا بهذا الحديث فقال: "ذاك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها".
(7/91)
72 - باب من رأى عليه القضاء
2454 - حدثنا أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ أخبرنا عَبْدُالله بنُ وَهْبٍ أخبرني حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ عن ابنِ الْهَادِ عن زُمَيْلٍ مَوْلَى عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ بنِ الزّبَيْرِ عن عَائِشةَ قالَتْ: أُهْدِيَ لِي وَلِحَفْصَةَ طَعَامٌ وَكُنّا صَائِمَتَيْنِ فأفْطَرْنا، ثُمّ دَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: يارَسُولَ الله إنّا أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيّةٌ فَاشْتَهَيْنَاهَا فأَفْطَرْنَا، فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ عَلَيْكُمَا، صُومَا مَكَانَهُ يَوْماً آخَرَ".
ـــــــ
"باب من رأى عليه القضاء"
"لا عليكما": أي لا بأس عليكما في الإفطار "صوما مكانه يوماً آخر": قال الخطابي وقد جاء في هذا الحديث رواية ابن جريج عن الزهري عن عروة قال ابن جريج: قلت للزهري أسمعته من عروة قال إنما أخبرنيه رجل بباب عبدالملك بن مروان فيشبه أن يكون ذلك الرجل هو زميل هذا. ولو ثبت الحديث أشبه أن يكون إنما أمرهما بذلك استحباباً لأن بدل الشيء في أكثر الأحكام الأصول يحل محل أصله، وهو في الأصل مخير فكذلك في البدل. قال المنذري: وأخرجه النسائي وقال: زميل ليس بالمشهور. وقال البخاري لا يعرف لزميل سماع من عروة ولا ليزيد ابن الهاد من زميل ولا تقوم به الحجة وقال الخطابي: إسناده ضعيف وزميل مجهول.
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله:
وقد روى النسائي حديث الأمر بالقضاء من حديث جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتابعه الفرج بن فضالة عن يحيى قال الدارقطني وهم فيه جرير وفرج وخالفهما حماد بن زيد وعباد بن العوام ويحيى بن أيوب فرووه عن يحيى بن سعيد عن الزهري مرسلا وقد رواه النسائي أيضا من حديث جعفر بن برقان أخبرنا الزهري عن عروة عن عائشة به وقال اقضيا يوما لغد ومن حديث سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة به وفيه فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصوما يوما مكانه وذكر النسائي أنه أيضا من رواية إسماعيل بن عقبة وصالح بن كيسان فقد برىء زميل من عهدة التفرد به وتابعهم أيضا يحيى بن سعيد عن ابن شهاب فهؤلاء سفيان وجعفر بن برقان وصالح بن كيسان وإسماعيل بن عقبة ويحيى بن سعيد على اختلاف عنه عن ابن شهاب الزهري وصلا وإرسالا كلهم يذكر الأمر بالقضاء زيادة على رواية زميل وجرير بن حازم
(7/92)
[قال أبو سعيد بن الأعرابي: هذا الحديث لايثبت]
(7/93)