ما زالت تتواصل حمى لفتاوى اليهودية الداعية إلى إبادة الفلسطينيين، فقد أفتى عدد من كبار الحاخامات في إسرائيل بأنه يتوجب على اليهود تطبيق حكم التوراة الذي نزل في قوم "عملاق" على الفلسطينيين، وهو الحكم الذي ينص على قتل الرجال والأطفال وحتى الرضع والنساء والعجائز منهم، وسحق البهائم.
ونقلت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية عن الحاخام يسرائيل روزين رئيس معهد "تسوميت" الديني وأحد أهم مرجعيات الإفتاء اليهود قوله إنه يتوجب تطبيق حكم "عملاق" على "كل من تعتمل كراهية إسرائيل في نفسه".
وحسب التراث الديني اليهودي فإن قوم "عملاق" كانوا يعيشون في أرض فلسطين منذ عدة قرون مضت وكانت تحركاتهم تصل حتى حدود مصر الشمالية. ويقول اليهود إن العماليق شنوا هجمات على مؤخرة قوافل بني إسرائيل التي كان يتزعمها النبي موسى عليه السلام عندما خرجوا من مصر واتجهوا نحو فلسطين.
ويضيف التراث أن "الرب" كلف بني إسرائيل بعد ذلك بشن حرب لا هوادة فيها ضد العماليق. وتلا روزين الحكم الذي يقول: "اقضوا على عملاق من البداية حتى النهاية.. اقتلوهم وجردوهم من ممتلكاتهم، لا تأخذكم بهم رأفة، فليكن القتل متواصلا.. شخص يتبعه شخص، لا تتركوا طفلا، لا تتركوا زرعا أو شجرا، اقتلوا بهائمهم من الجمل حتى الحمار".
وأضاف روزين أن اليهودي "يوشع بن نون" كان أول من طبق هذا الحكم عندما انتصر على العماليق، حيث قام بتدمير مدينتهم أريحا على من فيها.
لكل زمن "عملاقه"
وعن علاقة الفلسطينيين بالعماليق، قال الحاخام روزين: "إن قوم عملاق لا ينحصرون في عرق أو دين محدد، بل هم كل من يكره اليهود لدوافع دينية أو قومية".
وأردف: "عملاق سيبقى ما بقي اليهود، ففي كل عهد سيخرج عملاق من عرق آخر لمناصبة اليهود العداء، لذا يجب أن تكون الحرب ضده عالمية".
وشدد على أن تطبيق حكم "عملاق" يجب أن يقوم به اليهود في كل وقت وزمن لأنه على حد زعمه "تكليف إلهي".
ويضيف هازئا من وضع اعتبار لمواقف دول العالم من تطبيق مثل هذه الفتاوى المثيرة للجدل: "علينا أن ننفذ أحكام الرب، وأن نتوقف عن الاختفاء في ظل أسرة شعوب العالم، وحتى عندما يكون تطبيق هذه الفريضة ثقيلا وصعبا فإننا مطالبون بتطبيقها دائما".
ولم يتردد روزين في تحديد "عماليق" هذا العصر وقال إنهم "الفلسطينيون".
وأَضاف: "من يقتل الطلاب وهم يتلون التوراة، ويطلق الصواريخ على مدينة سديروت فيثير الفزع في نفوس الرجال والنساء، من يرقص على الدماء، هو عملاق، يجب أن نرد عليه بكراهية مضادة، وعلينا أن ننزع أي أثر للإنسانية في تعاملنا معه، حتى ننتصر".
الحاخامات يؤيدون!
ولم تقتصر هذه الفتوى الغريبة على الحاخام روزين، بل أيدها العديد من حاخامات اليهود.
وسارع الحاخام مردخاي إلياهو، الذي يعد المرجعية الدينية الأولى للتيار الديني القومي في إسرائيل، والذي شغل في الماضي منصب الحاخام الشرقي الأكبر لإسرائيل، إلى تأييد تطبيق الحكم، ودائما ما يشير إلياهو إلى إحدى العبارات التي وردت في الحكم والتي تقول: "اذكر عدوك وأبده".
كما أيده الحاخام شلومو إلياهو الحاخام الأكبر لمدينة صفد، والذي كتب مقالا مؤيدا لتطبيق حكم "عملاق" على الفلسطينيين يقول فيه: "لا توجد أي مشكلة أخلاقية في سحق الأشرار".
أما الحاخام دوف ليئور رئيس مجلس حاخامات المستوطنات في الضفة الغربية فيقول قاصدا الفلسطينيين: "كل من يريد تدمير إسرائيل يتوجب تطبيق حكم عملاق فيه".
الحاخام الوحيد الذي انبرى ضد هذه الدعوات هو الحاخام أليعازر الهارستون، مدير المدرسة الدينية في مدينة "حولون"، لكنه لم يقم بذلك لدوافع إنسانية بل لدوافع عملية، حيث قال إنه: "من الناحية العملية لن يكون بوسع اليهود قتل الأطفال والعجائز والنساء".
حمى الفتاوى
وفتوى حكم "عملاق"، ما هي إلا حلقة ضمن حمى فتاوى ضد الفلسطينيين من قبل كبار المرجعيات الدينية. ففي وقت سابق من شهر مارس الجاري أصدر الحاخام حاييم كنايفسكي ثاني أكبر مرجعية في التيار الديني "الأرثوذكسي الليتائي"، الذي يمثله حزب "ديجل هتوارة" فتوى تحظر تشغيل العرب في إسرائيل، وخصوصا في المدارس الدينية.
وجاءت فتوى كنايفسكي في أعقاب العملية الفدائية في المعهد الديني اليهودي "مركاز هراف" بالقدس والتي أسفرت عن مقتل ثمانية طلاب من المعهد إضافة إلى منفذ العملية علاء أبو دهيم، من جبل المكبر في القدس الشرقية.
وبحسب الفتوى فإنه سيتم فرض الحرمان والمقاطعة على كل متجر أو معهد ديني يهودي يشغل عربا.
وعلل الحاخام فتواه بأنها "جاءت من أجل الدفاع عن النفس وتقليص قدرة العرب على المس باليهود".
وأصدر الحاخام داف ليئور رئيس مجلس حاخامات المستوطنات في الضفة عن "رابطة حاخامات أرض إسرائيل" فتوى مماثلة حظر فيها تشغيل العرب وتأجيرهم شققا سكنية في أحياء اليهود.
وفي الخامس من مارس الجاري أصدرت مجموعة من كبار الحاخامات في إسرائيل صباح اليوم فتوى تبيح لجيش الاحتلال الإسرائيلي قصف التجمعات المدنية الفلسطينية؛ بدعوى الرد على إطلاق الفلسطينيين للصواريخ على البلدات الإسرائيلية.
وجاءت هذه الفتوى بعد يومين من إنهاء إسرائيل المرحلة الأولى من هجومها العسكري الواسع على قطاع غزة، والذي وصفه مسئول رفيع بجيش الاحتلال الإسرائيلي بـ"المحرقة"، وأوقع نحو 124 شهيدا، أغلبهم مدنيون، فضلا عن أكثر من 350 جريحًا.
إرث الفتاوى
ولـ"رابطة حاخامات أرض إسرائيل" إرث من الفتاوى ضد المدنيين الفلسطينيين، ففي سبتمبر 2005 أصدرت فتوى ضمنتها رسالة إلى رئيس الوزراء حينها إريل شارون حثته فيها على عدم التردد في المس بالمدنيين الفلسطينيين خلال المواجهات التي كانت مندلعة في الأراضي المحتلة حينئذ.
ووصل الأمر إلى حد إصدار الحاخام إسحاق جينزبرج، أحد مرجعيات الإفتاء، كتابًا بعنوان "باروخ البطل" تخليدًا لاسم باروخ جولدشتاين الذي نفّذ مجزرة الحرم الإبراهيمي في عام 1994 والتي قتل فيها 29 فلسطينيًّا أثناء أدائهم صلاة الفجر. وأفتى بعض الحاخامات بأن جولدشتاين بعد تلك المجزرة صار "قديسًا".