استمعت
محكمة جنايات القاهرة، الأربعاء، إلى مرافعة النيابة العامة فى قضية
التربح والإضرار العمدى بالمال العام، المتهم فيها أحمد المغربى، وزير
الإسكان السابق، وعهدى فضلى، رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم السابق، ورجلا
الأعمال وحيد متولى وياسين متولى. وخلال الجلسة وصف ممثل الادعاء المتهمين
بالمماليك والشياطين وخونة العهد، والتسبب فى فقر البلاد والاستيلاء على
المال العام وإهداره، بالإضافة إلى وصف «علاء مبارك» بقوله إن ما فعله نجل
الرئيس المخلوع لا يفرق فى شىء عن اللصوصية.
وقال: «بمخاطبة نقابة المهندسين، تبين أن المغربى ليس عضواً بها ولا يمت لكلية الهندسة بصلة.
وبعد انتهاء مرافعته فوجئ بالحضور داخل القاعة يصفقون له بحرارة،
وقررت المحكمة برئاسة المستشار محمد فتحى صادق، وعضوية المستشارين محمد
مجدى، وعبدالغفار جاب الله، وسكرتارية محمد سليمان ورفاعى فهمى، التأجيل
إلى جلسة اليوم للاستماع إلى مرافعة فريق دفاع المتهمين.
حضر المتهمان «المغربى» و«فضلى» وسط حراسة أمنية مشددة، وتم إيداعهما
قفص الاتهام بإشراف العميد الدكتور فرحات السبكى، والمقدم حسن زيور، وظل
المتهمان فى حالة ارتباك شديد عند سماع المرافعة، وقام «المغربى» بتدوين
بعض الملاحظات فى ورقة كانت بحوزته.
وبدأت الجلسة بوقوع مشاجرة بين أحد المحامين المدعين بالحق المدنى
ودفاع المتهم الثانى بعد أن قال الأخير له إنه لم يحصل على الدكتوراة،
وأنهى المستشار محمد فتحى الخلاف «إحنا مش هنبقى أبطال لو أعطينا للناس
أحكاما لا يستحقونها لأن لا يهمنى الثورة ولا ميدان التحرير، لكن يهمنى أن
أقابل رب كريم بضمير صافى، لأنه هو الذى يحاسبنى».
وقال محمد النجار، رئيس نيابة الأموال العامة، ممثل الدعاء: إن
المتهمين استغلوا وظائفهم للثراء الفاحش، وأذكرهم بقوله تعالى: «فلا تحسبن
الله غافلا عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين
مقنعى رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء».
وأضاف: «هذه بشارتهم فى الآخرة، أما اليوم فهو حساب الدنيا متسائلاً:
لماذا خنتم أمانتكم التى حملناها لكم ولماذا جعلتمونا نتقاتل على كسرة
الخبز، ولماذا أفقرتمونا ولماذا حرمتمونا من شربة مياه نظيفة، ولماذا
أسكنتمونا القبور ونحن أحياء واحتفظتم لأنفسكم بالمنتجعات، أهذا من أموال
آبائكم وأمهاتكم أم من أموالنا، ولماذا أثقلتم ظهورنا بالضرائب والرسوم
لتعدوا الطرق والخدمات إلى منتجعاتكم، ولماذا أفقدتمونا الأمل فى المستقبل
حتى أقدم البعض منا على الموت انتحارا أو غرقا أو حرقا ثم تظهرون فى وسائل
الإعلام لتتحدثوا عن الإيمان والزهد والرضا».
وصفت النيابة المتهمين بأنهم عصابة الشيطان وجنده وأعوانه الذين تولوا
هذا الأمر بغير حق، وأدركوا ذلك فكانوا لغير الحق مطيعين وبالباطل متمسكين.
وفجرت النيابة مفاجأة بتأكيدها أن المتهم الأول «المغربى» تولى وزارة
الإسكان وهو غير مؤهل علمياً ليتولى هذه الوزارة الجبارة بعد صدور قرار
شيطانى سيادى بتعيينه وزيرا للإسكان، ولم يكن من خريجى كلية، ولفتت إلى
أنها استعلمت من نقابة المهندسين حول عضوية المغربى فأفادت بأنه غير مقيد
بجداولها، ثم أضافت «لو كان القرار بتعيين المغربى وزيرا للصحة لتم توصيفه
بالدكتور ولو كان القرار بتعيينه وزيرا للداخلية لأطلقوا عليه لقب اللواء».
وأضاف ممثل الادعاء أن مصر حكمها مجموعة من المماليك اللصوص، وكأن
التاريخ يعيد نفسه، فأفرز هذا الزمن «الطبال» الذى يتولى منظومة العمل
السياسى فى مصر، والوزيرة الحاصلة على الإعدادية، ووزير النقل الحاصل على
دبلوم نسيج، فلكى الله يا مصر ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وواصل ممثل الادعاء مرافعته بأن النتيجة عقب تولى المتهم الأولى وزارة
الإسكان تمتد إلى أكثر من ذلك لولا إرادة الله ودم الشهداء حيث إن أكثر من
1300 منطقة عشوائية فى ربوع البلاد يعيش فيها أكثر من ربع سكان مصر بلا
مرافق وشرب وصرف صحى، وتفرز مشاكل اجتماعية متعددة من فقر ومرض وتلوث بيئى
وجهل وجريمة وأطفال مشردة ومشاكل مرورية. وقام ممثل الادعاء بالنظر إلى
المتهمين داخل قفص الاتهام، مشيرا إليهم بإصبعه قائلا: «أكثر من 2 مليون
مصرى يعيشون فى القبور فماذا فعلت لهؤلاء يا سيادة الوزير؟»
وأشار ممثل الادعاء إلى أن علاء مبارك، نجل الرئيس المخلوع، يساهم فى
شركة بالم هيلز للإنشاء والتعمير، وأنه انتهج أسلوب التخفى واللصوصية عن
طريق شركتى المنصور والمغربى الشركة الأم التى خرج من رحمها هذا المارد
الشيطانى الأحمر المسمى «بالم هيلز» ليحصل على محفظة عقارية من أراضى هيئة
المجتمعات العمرانية الجديدة على امتداد 23 مدينة فى ربوع الجمهورية.
وقال: «إنهم احترفوا الطرق الاحتيالية لتكون هذه المحفظة العقارية
للشركة، وارتفعت أسعار الأراضى ارتفاعا جنونيا، بسبب السياسة التى انتهجها
المتهم الأول فى بيع أراضى هيئة المجتمعات العمرانية قاصدا تحقيق أرباح،
وأضاع حلم الفرد العادى فى الحصول على قطعة أرض يبنى عليها مسكناً».
واستكملت النيابة مرافعتها بالحديث عن المتهم الثانى عهدى فضلى قائلة:
أليس فى ذلك ظلم وخيانة للعهد بأن يبيع سعر المتر بـ515 جنيها لأرض «أخبار
اليوم» إلى شركة مساهم فيها المتهم الأول رغم أن سعر المتر الحقيقى يتجاوز
ألف جنيه، مما أضاع على الدولة أرباحاً تقدر بـ272 مليون جنيه، ألا تفرض
المادة 116 مكرر من قانون العقوبات المحافظة على ما لها بدلا من تربيح
شركة ركين إيجيبت للاستثمار العقارى بالفارق بين المبلغين وقدره 159
مليونا؟!».
وتابعت النيابة «ثم يعود دور المملوك الأول، أقصد المتهم الأول وزير
الإسكان للظهور ليقوم بعد تأكده من انتقال ملكية الأرض لشركة بالم هيلز،
التى يساهم فيها بإبرام عقد بيعها لشركة أخبار اليوم فى اكتوبر 2007 بعد
شهرين من استحواذ الشركة الأخيرة عليها».
وأكدت النيابة أن الوزير المتهم، وهو أحد المماليك فى هذا الزمن
الردىء - حسب النيابة - تصرف فى عقد بيع أرض «أخبار اليوم» بالرغم من عدم
أحقية الشركة فى الأرض، لعدم سدادها الأقساط فى المواعيد المقررة، واعتبار
العقد لاغياً لعدم إثبات الجدية فى السداد، وكل ذلك بشهادة الشهود.
وفى نهاية المرافعة صفق الحضور، فيما طلب دفاع المتهمين نسخة من مذكرة النيابة.
كانت المحكمة قد بدأت جلسة، الأربعاء ، بالسماع إلى شهادة إبراهيم
سعدة، رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم السابق، وجلال دويدار، رئيس التحرير
السابق، وعزت الصاوى، مدير شركة أخبار اليوم للاستثمار، وأكدوا جميعا أنه
فى عام 1998 تم تخصيص قطعة أرض فى مدينة 6 أكتوبر لبناء أكاديمية أخبار
اليوم، وفوجئوا بالمسؤولين فى وزارة الإسكان يعرضون عليهم تخصيص قطعة
الأرض موضع الاتهام مساحتها 113 فداناً، ووافق على العرض إبراهيم سليمان،
وزير الإسكان الأسبق، مقابل دفع مبلغ 53 مليون جنيه، وحصول الهيئة على 16%
من جميع الوحدات، وتبين عدم وجود سيولة كافية فى المؤسسة لسداد المبلغ
خاصة أنه تم عمل دراسة جدوى لتكاليف بناء الأرض، واتضح أنها تتطلب توفير
مبلغ 600 مليون جنيه بخلاف المرافق.