الجنس : الابراج : عدد المساهمات : 4668تاريخ التسجيل : 16/07/2009العمر : 53المزاج : رايق
موضوع: عاشوراء يوم البناء الأربعاء 15 ديسمبر 2010, 13:11
الثلاثاء,14 ديسمبر , 2010 -18:17
يوم عاشوراءمن المناسبات الإسلامية المهمة التي يحتفل بها المسلمون ويتقربون فيها إلىالله عز وجل بالعبادة، خاصة الصوم الذي سنّه لنا رسول الله صلى الله عليهوسلم في هذا اليوم. وهو واحد من أفضل أيام العام أجرا وثوابا عند اللهتعالى؛ إذ يكفِّر الله عز وجل بصيامه عن العبد سنة ماضية.ويوم عاشوراءأيضا حلقة في سلسلة متواصلة من النفحات الربانية وفرص التوبة والمغفرةالتي يمد الله عز وجل بها يد تفضله ونعمائه إلينا لنغتنمها ونتعرض لها،وهو كذلك واحد من أهم المناسبات التي يحافظ على إحيائها بالصيام والطاعاتعامة المسلمين في واقعنا المعاصر، حتى تكاد تشعر أنك في شهر رمضان، وأن صيامه صيام فريضة لا صيام تطوع، من كثرة الصائمين في هذا اليوم.تعبير عن طبيعة الدين ويوم عاشوراءهو يوم يشفّ بوضوح عن طبيعة هذا الدين وعن بعض خصائصه؛ فالاحتفال بيومعاشوراء هو مناسبة مركزة للاحتفال بالأنبياء والرسل السابقين على رسالةمحمد صلى الله عليه وسلم؛ ففي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدمالنبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال: "ماهذا؟".قالوا: يوم صالح نجّى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم،فصامه موسى، فقال صلى الله عليه وسلم: "وأنا أحق بموسى منكم" فصامه وأمربصيامه، ثم نوى الإضافة إليه بصيام التاسع معه. وهذا ليس بغريب على دينالإسلام الذي يجعل من شروط صحة إسلام العبد ومن تمام إيمانه الإيمان بجميعالأنبياء والرسل وعدم التفرقة بينهم {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنرُّسُلِهِ}... (البقرة: 285).والدين عند الله دين واحد وليس أديانامتعددة {إنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإسْلامُ}... (آل عمران : 19)، وماالأنبياء والرسل إلا حلقات متتالية في سلسلة الدعوة إلى هذا الدين الواحد؛ولذا هم إخوة في العقيدة، وهم إخوة كذلك في المهمة والوظيفة، وشركاء فيالرسالة السامية المقدسة التي شرفهم الله بها، فما خصائص الإسلام في ظلالاحتفال بيوم عاشوراء؟.استكمال لا استبدال إنه دين البناء والإتمام والاستكمال، لا الهدم والنقض والاستبدال، يقولالنبي صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بموسى منهم"، ويقول: "إنما بعثت لأتمممكارم الأخلاق"، ويقول: "إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنىبيتا، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به،ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتمالنبيين".فالإسلاميعترف بالبناء العقائدي والأخلاقي والقيمي الذي مثَّل تراث البشرية منذهبط آدم إلى الأرض إلى أن بعث الله تعالى نبيه الخاتم، فلم يأتِ الإسلامليهدم ويزيل كل ما سبقه ثم يبني بناء جديدا مغايرا، ولكنه أرسى دعائم ذلكالبناء الإنساني الشامخ، واستكمل البناء ولم يستبدله، وأضاف إليه ولم ينقصمنه.ومهمة المسلم في الأرض أن يلتقي مع كل قيمة نبيلة راقية وأنيتواصل مع الرصيد الإنساني الكريم، وأن يمد يده بالبناء، وليس بالضرورةبالهدم لوضع لبنات بناء جديد.إن المسلم لا يحتاج -أو لا يلزمه- أنيهدم كل ما سبقه، ولكنه يقوم فقط بإزالة التعديات على المنظومة العقائديةوالأخلاقية، وينكس ما شابها أو شوه مسيرتها من متناقضات، ويبقي على البناءالأصيل، ويضيف إليه ويتممه.مشاركة متميزة لا مخالفة متحيزة إنه دين يشارك الناس ولا يتفرد عنهم ولا يخالفهم لغرض المخالفة مطلقا،ولكن هو معهم ما استقاموا في الطريق القويم المستقيم، فإن خالفوا أو حادواتميز وأمعن في تمييز الخط الأصيل الملتقي مع الفطرة السليمة التي فطر اللهعليها البشر جميعا.نلمحبعض هذه المعاني في فريضة مثل فريضة الحج، يقول الله تعالى: {ثُمَّأَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}.. (البقرة: 199)، فلا يدعوناهاجس التميز أن نعمل بعيدا عن الناس أو في معزل عنهم. ويقول رسول الله صلىالله عليه وسلم: "لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي بهحمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت"؛ فمشاركة الآخرين في التعاونعلى البر والتقوى من مقاصد الدين ومن طبيعته التي لا تنفك عنه.عدالة لا عصبية دين السماحة المطلقة، والنظرة الأصيلة الثاقبة، والحكم العادل على الأمور،لا يلهينا أو يلفتنا تشتت الناس وتفرقهم وتحريفهم عن حقيقة الرسالات التيهي حلقات في دين واحد، ولا يمكن أن نحكم على نبي الله موسى عليه السلاممن خلال مواقف من يدّعون اتباعه ومناصرته، فنحن أولى بموسى منهم، نحن قومنتقرب لله تعالى بتسمية أبنائنا بأسماء الأنبياء والرسل ونتعبده بذلك،يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "تسموا بأسماء الأنبياء"؛ فكم تنتشر أسماءموسى وعيسى ومريم وهارون في الشعوب المسلمة، بينما أسماء نبي الإسلامورموزه من كبار الصحابة محرمة عند أتباع الديانات الأخرى! إن التوقف عندهذه الحقيقة وحدها بإحصائيات دقيقة أو عفوية ليرد على المتخرصين علىالإسلام بالتعصب والعنصرية، لما فيه من سماحة لا نظير لها.الإسلامدين يحكم على الحقيقة، يفصل بين النظرية والتطبيق، بين الدين وبينالأتباع، فليس تحريف الأتباع عيبا في الدين ذاته، ويرفض التعميم، يقول جلوعلا: {ومِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ إن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِإلَيْكَ ومِنْهُم مَّنْ إن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إلَيْكَإلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا}.. (آل عمران: 75)، ويقول عز وجل:{لَيْسُوا سَوَاءً}.. (آل عمران: 113)، فهو دين قائم على العدالة والإنصافوأداء الحقوق.مساواة لا عنصرية لنأخذ يوم عاشوراء يوما عالميا لمناهضة معاداة السامية؛ فالإسلام دين لايميز ضد جنس ولا شعب ولا لون ولا عنصر، والمسلمون يوم عاشوراء يحتفلونبمناسبة تاريخية عند اليهود، فليست قضية المسلم قائمة مع معتنق اليهوديةولا مع غيره؛ فالله تعالى يقول: {لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَالرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ}.. (البقرة: 256)، إنما قضية المسلم قائمة مع عدواغتصب أرضه، واستباح دمه وعرضه، وليفهم العالم وليفقه الناس كلهم أجمعونأن الإسلام دين لا يرضى بالبغي والعدوان، يكف أهله عن العدوان.يقولالله تبارك وتعالى وهو يضع معالم الجهاد في الإسلام: {وقَاتِلُوا فِيسَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ولا تَعْتَدُوا إنَّ اللهَ لايُحِبُّ المُعْتَدِينَ}.. (البقرة: 190)، وهو دين يحارب البغي ولو كان بينأتباعه بعضهم البعض، فيضع القرآن الكريم قانون كف الاعتداء بين المؤمنين{وإن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوابَيْنَهُمَا فَإن بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِيتَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوابَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّالْمُقْسِطِينَ}.. (الحجرات: 9)؛ فالإسلام يقاتل البغي أيا كان، وبصرفالنظر عن ديانة الباغين أو جنسهم، ولو كانوا مسلمين؛ لأنه ينهى عن البغيولا يرضى به.ومشكلة المسلم مع الصهاينة في العصر الحديث ليست قضيةاختلاف في العقيدة، فقد عاش المخالفون في العقيدة (نصارى ويهودا) في ديارالمسلمين - وما زالوا يعيشون- أربعة عشر قرنا من الزمان، وهم آمنون رغمكونهم أقلية، لم يمارس المسلمون ضدهم أي نوع من التمييز الطائفي ولاالتطهير العرقي، بعكس ما حدث ويحدث ضد المسلمين في بلاد شتى تدين بعقائدمختلفة.هذا هو الإسلام الدين الخاتم الذي يجعل الإيمان بكافةالأنبياء والرسل من شروط صحة العقيدة، والذي يجعل تخليد ذكرى الأنبياءبتسمية المسلمين بأسمائهم قربى وعبادة، والذي يحتفل بيوم عاشوراء، وهو يومنجّى الله تعالى فيه بني إسرائيل ونبيهم موسى عليه السلام، هذه هي سماحةالإسلام، فأرنا سماحتك أيها العالم المتحضر في القرن الحادي والعشرين!.المصدر: موقع إسلام أون لاين