القاهرة- أفتت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف بجواز استخدام التكنولوجيا الحديثة في الهجوم على المواقع الإسرائيلية والأمريكية التي تسيء للإسلام والمسلمين وتدميرها، وكذلك الرد عليها؛ باعتبار أن ذلك نوع من أنواع الجهاد المعاصر.
وتأتي هذه الفتوى ردا على سؤال حول حكم ظهور مجمعات مسلمة عبر الإنترنت تهاجم مواقع إسرائيلية وأمريكية، وتحدث خللا بها؛ ردا على ما تفعله إسرائيل وأمريكا ضد المسلمين، وكذلك مهاجمة المواقع التي تسيء للإسلام.
وأوضحت الفتوى أن "من مزايا شريعة الإسلام أنها حددت مفاهيم الألفاظ تحديدا واضحا دقيقا حتى تتضح الأمور، فحددت معنى كلمة الجهاد في الإسلام، وأنه مأخوذ من الجهد بمعنى المشقة والتعب، فالمجاهد هو من بذل أقصى طاقته في دفع عدوان المعتدين، وفي تأديب البغاة والظالمين؛ حيث قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.
وأضافت أن "الجهاد في الإسلام شرع لإعلاء كلمة الحق ونصرة المظلومين، وللدفاع عن الدين، والعرض، والوطن، والحرية، والكرامة الإنسانية، ولذلك قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.
وأشارت إلى أنه "منذ أن أوجد الله تعالى هذه الحياة وهي صراع بين الحق والباطل، ونزاع موصول بين الخير والشر، وعراك متواصل بين الأخيار والأشرار، وخلاف لا ينقطع بين الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا وبين الذين إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا".
وأكدت اللجنة قائلة: "إن الجهاد من باب الدفع الذي جاء في قوله تعالى: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}، فلولا أن الله يدفع أهل الباطل بأهل الحق لفسدت الأرض ولعمها الخراب، وهو أمر للأخيار في كل زمان ومكان أن يقفوا في وجه الباغين المغرورين، وأن يقاوموهم بكل وسيلة من شأنها أن تحول بينهم وبين الفساد والطغيان".
واستطردت الفتوى: "ومن هنا فما ظهر عبر شبكات ما يسمى بالجهاد الإلكتروني أمر جائز شرعا؛ لأنه من وسائل مقاومة العدو، وخاصة أن العدو يبث عبر شبكات الإنترنت أمورا تسيء إلى الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم، والمسلمين، والأخلاق الإسلامية".
وشددت على أن "الوقوف في وجه هذه الإشاعات والحروب ضد الإسلام لمحاربتها وتدميرها هو أمر واجب شرعا؛ إذ هو من قبيل قول الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}، وهو من قبيل الجهاد المشروع ويثاب عليه فاعله، ولا مانع من اتخاذ كل السبل التي من شأنها المحافظة على الإسلام والمسلمين، فالحروب في هذه الأيام مختلفة عن الحروب قديما، والعدو يستخدم أساليب متعددة في الغزو الفكري والحروب الإلكترونية".
وأوضحت لجنة الفتوى بالأزهر أنه "من المفروض أن يواجه المسلمون هذه الحملات الشرسة على الإسلام التي تريد إظهاره بصورة غير لائقة عن طريق الغزو الإلكتروني، فتجب مواجهة هذه الحروب بما يستطاع".
تأييد فقهي
وقد لاقت هذه الفتوى تأييدا من الفقهاء؛ حيث يرى الدكتور محمد علي الزغول عميد كلية الشريعة الإسلامية بجامعة مؤتة بالأردن أن الفتوى صحيحة؛ لأن الجهاد الإلكتروني يدخل في مجال الجهاد بالقلم واللسان؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يشجع بالدفاع عن الإسلام والهجوم على الكفار بأي وسيلة من الوسائل، والجهاد الإلكتروني يقع في هذا الباب.
وأضاف أن الهجوم على مواقع إسرائيلية لإحباط محاولاتهم ضد الإسلام والمسلمين أمر مشروع، وكلما أصبح هناك تطور للوسائل التي يمكن أن نقدم بها فكرة أو ندافع بها عن الدين، كلما وجب استخدام تلك الوسائل.
كذلك فإن الدكتور محمد فؤاد البرازي رئيس الرابطة الإسلامية بالدنمارك وعضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث قد أكد أن مهاجمة المواقع الإسرائيلية والمسيئة للإسلام يعتبر من ضروب الجهاد، مشددا على أننا في حالة حرب مع الإعلام الصهيوني ومن يسانده، وبالتالي فإن قيام هؤلاء الشباب بتعطيل المواقع التي تحارب الإسلام والمسلمين هو نوع من أنواع الجهاد.
وقدم البرازي الشكر للأزهر لإصدار هذه الفتوى التي يؤيد بها حرب هذه المواقع بشكل يؤكد ريادته، وقال: "إننا نحتاج في تلك الفترة إلى أنواع كثيرة من الجهاد، ويخطئ كثير ممن يظنون أن الجهاد قاصر على المنازلة فقط، ولكن الجهاد أنواع، فمنه الجهاد الإعلامي، والاقتصادي، واللساني عن طريق الوسائل المختلفة".
وأضاف تأكيدا على تنوع سبل الجهاد: "إن الله لما أنزل كتابه الكريم أشار إلى أن بيان الحق في هذا القرآن هو نوع من أنواع الجهاد فقال: {فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}، وعليه فالجهاد الإلكتروني هو نوع من الجهاد الإعلامي الذي يصد به المفترون على دين الله.
وطالب بضرورة وجود أصحاب الخبرة من التقنيين، كما طالب أصحاب المال بأن يمدوا القائمين على هذا اللون من الجهاد بالمساعدة المطلوبة؛ حتى يقوموا بهذا الواجب، ويصرفوا الإثم عن المسلمين، سواء أكان من الناحية المادية أو من الناحية التقنية.
وأوضح قائلا: "على من كان يملك تقنية معينة يستطيع أن يمدهم ويساعدهم بها فهذا من باب الواجب الكفائي الذي إذا قام به البعض سقط الإثم عن الآخرين، وإذا احتاجوا لدعم مالي لتقوية موضعهم فمن واجب الميسورين أن يساعدوهم كذلك".
مقتبس من اسلام اون لاين