الجنس : الابراج : عدد المساهمات : 4668تاريخ التسجيل : 16/07/2009العمر : 53المزاج : رايق
موضوع: الثورة تحليل وعبر وعبارات الخميس 17 فبراير 2011, 00:57
الاحتفالات تعم أنحاء مصر
كما كان متوقعا وبعد 18 يوما من انطلاق ثورة شباب 25 يناير المجيدة ، تدخل الجيش المصري لصالح إرادة شعبه وأجبر الرئيس حسني مبارك على التنحي ليضع النقاط فوق الحروف ويأخذ بأرض الكنانة إلى بر الأمان خلال المرحلة الانتقالية . ويبدو أن التطورات المتسارعة في الأيام الثلاثة الأخيرة تحديدا كانت تسير بقوة باتجاه تدخل الجيش لوقف انزلاق الأمور إلى ما لا يحمد عقباه خاصة بعد امتداد الغضب الشعبي في 9 فبراير ليشمل قطاعات واسعة من المصريين عبر تنظيم إضرابات واعتصامات في عدد من الشركات والمصانع والمؤسسات الحكومية بالإضافة إلى تنظيم مظاهرات مليونية جديدة في 11 فبراير اتجه بعضها نحو عدد من القصور الرئاسية سواء في القاهرة أو الإسكندرية وهو الأمر الذي كان من شأنه أن يسفر عن حمامات دم في حال واصل مبارك عناده واندلعت اشتباكات بين المحتجين والحرس الجمهوري. بل واللافت للانتباه أن تدخل الجيش لم يمنع فقط احتمال وقوع حمامات دم قرب القصور الرئاسية في 11 فبراير وإنما وقف حائلا أيضا منذ البداية دون محاولات إجهاض الثورة عبر تأكيده أنه لن يستخدم القوة ضد المتظاهرين وإجهاضه بعد ذلك عدة مؤامرات شيطانية . ففي 9 فبراير ترددت تقارير صحفية حول وجود خلافات بين الجيش ومؤسسة الرئاسة حول طريقة التعامل مع الاحتجاجات المتصاعدة في البلاد خاصة في حال أصر المتظاهرون على التوجه إلى قصر الرئاسة . بل وفوجيء الجميع أيضا بتصريحات اعتبرها كثيرون "مستفزة" للمحتجين عندما أعلن نائب الرئيس عمر سليمان أن الانقلاب هو بديل الحوار وما أعقبها من حديث وزير الخارجية أحمد أبو الغيط حول أن الجيش سيتدخل لحماية الأمن القومي إذا ما حاول "مغامرون" انتزاع السلطة ، في إشارة ضمنية إلى شباب ثورة 25 يناير . ورغم أنه كان يسود اعتقاد واسع لدى شباب ثورة 25 يناير أن النظام يريد الالتفاف حول مطالب المتظاهرين ويسعى إلى كسب مزيد من الوقت للانقضاض على الثورة وإجهاضها بأسلوب غير تقليدي وهو الاحتماء بمظلة الدستور ، إلا أن تصريحات سليمان وأبو الغيط السابقة جاءت لتحمل دلالات بالغة الخطورة ليس فقط لأنها بدت وكأنها لم تفهم حقيقة ما يحدث على أرض مصر وإنما لأنها تضمنت أيضا "تحريضا" ضمنيا للجيش ضد المتظاهرين لإنقاذ النظام الحاكم . وبالنظر إلى أن ما سبق كان يعني بالأساس وجود مخطط لتوريط الجيش في الأزمة ودق إسفين بينه وبين الشعب ، فقد سارع الجيش المصري لإجهاض ما بدا للجميع أنه "مؤامرة شيطانية" . ويبدو أن ما حدث فجر الخميس الموافق الموافق 10 فبراير كان البداية على طريق تأكيد أن الجيش المصري حسم موقفه لصالح الشرعية الثورية وذلك عبر إعادة نشر قواته في القاهرة والتكثيف من وجوده قرب عدد من المواقع الحيوية مثل القصر الرئاسي ومبنى الإذاعة والتليفزيون على كورنيش النيل فضلا عن مباني وزارات عدة قرب ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية. وجاءت التطورات المتلاحقة فيما بعد لتزيد من تصميم الجيش على المضي قدما في موقفه وذلك بعد انضمام قطاعات عمالية ومهنية إضافية للثورة ، ففي صباح الخميس الموافق 10 فبراير وتحديدا عند مدخل ميدان التحرير من جهة شارع طلعت حرب انضم آلاف المحامين إلى المعتصمين في الميدان وهم يرددون "الشعب يريد إسقاط النظام" ، وقبيل ذلك مر المحامون بباحات قصر عابدين الرئاسي وهم يرددون شعارات تدعو الرئيس مبارك للرحيل ، وعند مدخل الميدان الغربي للميدان ، احتشد أيضا الآلاف من الأطباء الذين جاءوا من مستشفى القصر العيني للانضمام إلى المعتصمين . وفي السياق ذاته ، بدأ نحو خمسة آلاف من سائقي وعمال هيئة النقل العام في القاهرة اعتصاما مفتوحا للمطالبة بتحسين الأجور ورفع حوافزهم ، فيما تواصلت الاعتصامات واحتجاجات شملت الجامعة وشركات الأدوية والغاز والكهرباء في أسيوط بصعيد مصر. بل وانتقلت عدوى الاحتجاجات إلى مطار القاهرة الدولي الذي شهد مظاهرات عدة تطالب بتحسين أوضاع العاملين وتثبيت العمالة المؤقتة ، كما تظاهر ألفان من موظفي مدينة الإنتاج الإعلامي أيضا مطالبين بإقالة وزير الإعلام أنس الفقي وإسقاط مبارك. وبجانب ما سبق ، توقفت الحركة السياحية في مدينة الأقصر المصرية وخلت المناطق الأثرية والسياحية في المدينة تقريبا من السياح ، كما تظاهر آلاف العمال في السويس وبورسعيد وكفر الشيخ والغربية وأسيوط وسوهاج مطالبين برفع ما وصفوه بالظلم عنهم وتنحي الرئيس المصري. مزاعم "تيك دبكا"
ويبدو أن التحرك الأكثر خطورة في هذا الصدد كان إعلان العاملين في بعض الشركات التابعة لهيئة قناة السويس عن الانضمام للإضرابات والاعتصامات وهو الأمر الذي كان لا يمكن التزام الصمت تجاه خاصة في ظل التقارير المتصاعدة حول قيام أمريكا بإرسال سفن حربية قبالة السواحل المصرية لتأمين الملاحة في القناة في حال تطورت الأمور بما لا يضمن مصالح أمريكا وإسرائيل . وكان الموقع الإخباري "تيك دبكا" المقرب من الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية زعم في 9 فبراير أن مصر تتجه نحو إحداث انقلاب عسكري وعليه فقد قامت الإدارة الأمريكية بوضع بوارجها الحربية قبالة سواحل محافظة الإسماعيلية.
ورجح الموقع أن هذا السيناريو تعزز لتعثر الحوار بين أقطاب المعارضة ونائب الرئيس عمر سليمان وفشل النظام في إخماد الثورة واتساع دائرة الاحتجاجات الشعبية التي تطالب برحيل الرئيس حسني مبارك.
ونقل الموقع عن مصادر عسكرية إسرائيلية القول إن الإدارة الأمريكية قامت قبل أيام بوضع عدة بوارج من أسطولها الحربي قبالة محافظة الإسماعيلية للحفاظ على انتظام الملاحة في قناة السويس والتدخل العسكري في حال تعطلها أو التشويش عليها خصوصا أنه يمر يوميا عبر القناة قرابة 40% من التجارة العالمية ، بالإضافة إلى التدخل العسكري إذا ما اقتضت الحاجة وفي حال حدوث أي تطورات غير متوقعة داخل مصر.
ويبدو أن الجيش المصري كان على وعي تام بأبعاد المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية الشيطانية السابقة ولذا سارع مبكرا أيضا لإجهاضها ليس عبر الانقلاب العسكري مثلما زعم الموقع الإسرائيلي وإنما بالاستناد للشرعية الثورية التي تحققت على أرض الواقع منذ انطلاق ثورة 25 يناير. فمعروف أن الجيش التزم الحياد منذ انطلاق الثورة لكي يطمئن الجميع أنه لن يكون هناك انقلابا عسكريا وعندما تحققت الشرعية الثورية على أرض الواقع وفي ضوء حقيقة أن الشعب هو مصدر السلطات ، فقد تدخل الجيش لإنهاء الأزمة عبر إقناع الرئيس مبارك بالتنحي ولعل البيان الأول الذي أصدرته القوات المسلحة مساء الخميس الموافق 10 فبراير بعث برسالة للجميع مفادها أن عهد مبارك انتهى بالفعل وأن تاريخا جديدا بدأ في أرض الكنانة . وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أصدر بيانا أكد فيه أنه اجتمع مساء الخميس الموافق 10 فبراير في إطار الالتزام بحماية البلاد والحفاظ على مكتسبات الوطن وتأييدا لمطالب الشعب المشروعة وقرر الاستمرار في الانعقاد بشكل متواصل لبحث ما يمكن اتخاذه من تدابير وإجراءات لحماية البلاد. وبالنظر إلى أن الرئيس حسني مبارك لم يكن حاضرا في الاجتماع بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة وترأس الاجتماع وزير الدفاع المصري المشير محمد حسين طنطاوي ، فقد تأكد أن الجيش تولى السلطة في البلاد بالفعل وأنه لن يكون هناك تفويضا لصلاحيات الرئيس لنائبه عمر سليمان بل إن المرحلة الانتقالية سيتم إدارتها من خلال مجلس عسكري يشرف على وضع دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة . بل واللافت للانتباه أن الجيش استجاب أيضا وعبر خطوات سلمية لمطالب الثورة بإسقاط النظام كله وليس تنحي الرئيس مبارك فقط ، ولذا فسر كثيرون مسارعته لإصدار البيان الأول قبل إعلان مبارك تنحيه رسميا برفض المؤسسة العسكرية مسبقا لأية خطوة يتم خلالها الالتفاف على مطالب المحتجين بنقل صلاحيات الرئيس إلى نائبه عمر سليمان . وعندما واصل مبارك عناده وقام بتفويض صلاحياته لنائبه في خطاب ألقاه مساء الخميس الموافق 10 فبراير بعد البيان الأول وهو ما كان يعني ضمنيا استمرار النظام القديم بشكل أو بآخر عبر تغيير الأشخاص وليس السياسات ، فقد ترقب الجميع بيان القوات المسلحة الثاني . وبالفعل ، قام المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية صباح الجمعة الموافق 11 فبراير بإصدار البيان الثاني الذي تعهد خلاله بضمان إنهاء حالة الطواريء فور انتهاء الظروف الحالية وضمان إجراء انتخابات رئاسية وصفها بالحرة.
كما تعهد الجيش في بيانه الثاني بـ"ضمان" إصلاحات تعهد بها الرئيس حسني مبارك والفصل في الطعون الانتخابية وإجراء التعديلات التشريعية اللازمة. وأكد أيضا أنه سيلتزم برعاية مطالب الشعب والسعي لتحقيقها من خلال تنفيذ الإجراءات في التوقيتات المحددة لضمان انتقال سلمي للسلطة.
كما تعهد بعدم "ملاحقة الشرفاء الذين رفضوا الفساد وطالبوا بالإصلاح" ، محذرا في الوقت نفسه من "المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين".
ودعا البيان الثاني كذلك إلى العودة للحياة الطبيعية ، مشددا على ضرورة انتظام العمل في مرافق الدولة حفاظا على مصالح الشعب. ورغم أن البيان السابق قوبل بخيبة أمل من قبل البعض بالنظر إلى أنه كان يعني استمرار مبارك ونظامه في السلطة ، إلا أن هناك من فسر البيان الثاني بأنه عكس ما سبق وأنه كان يمهد للخطوة الحاسمة إلا أن كان ينتظر فيما يبدو التفويض الشعبي الكامل وهو ما تحقق بالفعل في المظاهرات المليونية الجديدة التي خرجت يوم الجمعة الموافق 11 فبراير والتي قام بعضها بمحاصرة عدد من قصور الرئاسة . وأمام ما سبق ، فقد بعث الجيش المصري برسالة للجميع مفادها أن نظام مبارك أخذ فرصته كاملة إلا أنه لم ينجح في حل الأزمة ولذا لا بديل عن تنحيه لإنقاذ البلاد قبل فوات الأوان وهو ما تحقق بالفعل عندما خرج نائب الرئيس عمر سليمان مساء الجمعة الموافق 11 فبراير ليعلن على الملأ تنحي مبارك عن منصب رئيس الجمهورية وقيامه بتكيلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد. عبقرية وطنية
المتحدث العسكري وهو يقدم التحية للشهداء
ويبدو أن عبقرية الجيش المصري ظهرت أكثر وأكثر بعد تنحي مبارك عندما سارع لطمأنة المصريين بأن دوره سيكون فقط حماية الثورة وإدارة المرحلة الانتقالية باتجاه الديمقراطية عبر "البيان الثالث" الذي جاء جملة في التواضع والاختصار واختزال الدور فقط في إطار الحامي والراعي . وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أصدر مساء الجمعة الموافق 11 فبراير "البيان الثالث" الذي أكد فيه أن المجلس ليس بديلا للشرعية التي يرتضيها الشعب . وجاء في البيان " في هذ اللحظة الفارقة من تاريخ مصر وبعد قرار الرئيس مبارك بالتنحي وتكليف القوات المسلحة بإدارة شئون البلاد ونحن نعلن جميعا مدى جسامة الأمر أمام مطالب شعبنا العظيم لإحداث تغييرات جذرية ، ما يحدث ليس بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب ". وقدم المتحدث باسم القوات المسلحة التحية للرئيس مبارك فيما قدمه حربا وسلما كما قدم تحية مؤثرة جدا حازت إعجاب الجميع ألا وهي تحية العسكرية عندما تحدث عن أرواح الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل بلدهم ، وسرعان ما قدمت القوات المسلحة تطمينا آخر وأكثر وضوحا عندما أعلنت عن دعوة بعض شباب 25 يناير لاجتماع لبحث مطالبهم ومناقشة ملامح المرحلة المقبلة بل إنها تعاملت أيضا بإنسانية ورقي بالغ مع الاحتفالات التي عمت مصر بعد تنحي مبارك ولم تطلب من الثوار العودة إلى منازلهم بعد تحقيق مطالبهم . والخلاصة أن الثورة حققت أهدافها بالخلطة السحرية وهي توحد الشعب والجيش بل وبعثت أيضا برسالة للقاصي والداني مفادها أن إرادة الشعوب فوق الجميع وأن مصر ودعت صفحة أخطاء الماضي وستعود لأمتها العربية والإسلامية أكثر قوة وعافية . صور احتفالات المصريين بانتصار الثورة