القاهرة– في ختام اجتماع طارئ شهد تمثيلا دبلوماسيا "هزيلا" أصدر وزراء الخارجية العرب اليوم الأربعاء بيانا حوى "فقرة مفصلية" تتحدث عن خطوات عربية إذا ما تجاوبت إسرائيل أو لم تتجاوب مع جهود تحقيق السلام.
فبعد ترحيبهم بجهود الرئيس الأمريكي باراك أوباما لإحلال السلام، والإعراب عن تطلع العرب إلى إعلان واشنطن عن خطتها لبلوغ السلام، طلب الوزراء من "لجنة مبادرة السلام العربية (التي تضم 13 دولة) بحث الخطوات التي يمكن اتخاذها إذا ما تجاوبت إسرائيل مع الجهود العربية والدولية لتحقيق السلام في المنطقة، وكذلك الخطوات التي يمكن اتخاذها إذا ما استمرت إسرائيل في تعنتها ومماطلتها، على أن ترفع النتائج للعرض على مجلس الجامعة العربية".
هذه الفقرة تحدث عنها الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بمؤسسة الأهرام، قائلا إن: "مضمونها ليس جديدا، فقد سبق أن طرحه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ووزير ال
لكن الجديد، كما يضيف د. عبد المجيد في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت"، هو "الاتفاق العربي الذي تعكسه هذه الفقرة على التقدم خطوة بخطوة باتجاه إسرائيل إذا ما تجاوبت، وطبعا هذه الخطوة تعني التطبيع معها".
وحذر من أن "هذا الاتجاه خطير، فإسرائيل قد تتلاعب بالعرب للحصول على مكاسب تطبيعية بأن تعلن عن مجرد تجاوب لفظي دون خطوات على الأرض، فالوزراء لم يحددوا طبيعة التجاوب المأمول".
ورجح أن "الخطوات التطبيعية من جانب العرب ربما تكون فتح المجال الجوي للدول العربية أمام طيران العال الإسرائيلي، أو منح تأشيرات سياحية لإسرائيليين، وهو الأمر الممنوع في بعض الدول العربية".
مبادرة السلام
أما "الخطوات في الاتجاه المعاكس –إذا واصلت إسرائيل تعنتها- فربما لن تخرج عن مجرد التلويح أو سحب مبادرة السلام العربية المطروحة منذ عام 2002، والتي ترفض إسرائيل التجاوب معها، مطالبة بتعديلات عليها"، بحسب د. عبد المجيد.
وتنص المبادرة على إقامة علاقات عربية مع إسرائيل مقابل انسحابها إلى حدود ما قبل حرب يونيو 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية المحتلة، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اشترط في خطابه يوم 14-6-2009 أن يعترف الفلسطينيون أولا بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي مقابل قبولها بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ولا يمكنها الدخول في تحالفات عسكرية، ويخضع مجالها الجوي للسيطرة الإسرائيلية، مع تنازل الفلسطينيين عن حق عودة اللاجئين، واحتفاظ إسرائيل بالقدس الموحدة عاصمة أبدية لها.
وهي الشروط التي رفضها الفلسطينيون على اختلاف انتماءاتهم السياسية، ورد عليها سلام فياض، رئيس حكومة تصريف الأعمال في رام الله، بالدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة خلال عامين، والتمسك بالقدس الشرقية عاصمة لها.
الاستيطان
بجانب "فقرة الخطوات" شدد وزراء الخارجية العربي في بيانهم الختامي على أن استئناف المفاوضات يتطلب الالتزام الإسرائيلي بالوقف الكامل للأنشطة الاستيطانية في كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي ذلك القدس الشرقية، وطالبوا الأطراف الفلسطينية المتنازعة (حركتي فتح وحماس) بضرورة تحقيق المصالحة.
ويطالب أوباما إسرائيل بوقف الاستيطان تماما، إلا أن نتنياهو يتمسك بما تسميه إسرائيل "النمو الطبيعي" داخل ما تعتبرها مستوطنات قانونية، واستكمال مشروعات الاستيطان القائمة، وهو ما ترفضه واشنطن حتى الآن.
وشدد أوباما في الخطاب الذي وجهه إلى العام الإسلامي من القاهرة يوم 4-6-2009 على "حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وإنهاء 6 عقود من المعاناة في ظل الاحتلال"، وذلك من خلال إقامة دولتين لشعبين.
الرباعية الدولية
وبعد انتهاء اجتماع اليوم، الذي اقتصر على جلسة مغلقة بمشاركة رؤساء الوفود، قالت مصادر في الجامعة إن الأمين العام للجامعة عمرو موسى أجرى اتصالات ومشاورات مع وزراء الخارجية العرب أثمرت عن اتفاق على عقد اجتماع بين وفد من لجنة المبادرة العربية واللجنة الرباعية للسلام بعد غد الجمعة فى مدينة "تريستا" الإيطالية.
وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، لـ"إسلام أون لاين.نت" أن "الوفد العربي سيطلع الرباعية (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة وروسيا) على نتائج اجتماع اليوم؛ سعيا إلى دفع عملية السلام في المنطقة"، مضيفة أنه تم الاتفاق أيضا على اجتماع آخر مع مجلس أوروبا مطلع الشهر المقبل للغاية ذاتها.
تمثيل هزيل
ولم يحضر الاجتماع الطارئ سوى عشرة فقط من وزراء الخارجية، فيما شاركت بقية الدول بمستوى تمثيل أقل، رغم ما تناوله الاجتماع من قضايا مهمة، أبرزها عملية السلام مع إسرائيل.
فعلى مستوى الوزراء جاء تمثيل كل من: مصر والأردن والمغرب والجزائر والسودان والإمارات وتونس والكويت والعراق وفلسطين، بينما حضر ممثلا عن السعودية، صاحبة مبادرة السلام، وزير الدولة للشئون الخارجية، فيما كانت ليبيا صاحبة أدنى مستوى تمثيل، حيث حضر عنها وكيل مندوبها الدائم في الجامعة.
وجاء تمثيل كل من اليمن والصومال وسوريا على مستوى السفراء، رغم أن الاجتماع ناقش ضمن برنامجه قضية دعوات الانفصال بين الشمال والجنوب في اليمن، إضافة إلى الاقتتال الدائر بين المعارضة والحكومة الصومالية.
هذا التمثيل وصفه د. وحيد عبد المجيد بـ"الهزيل"، وعلق على تمثيل كل من السعودية وسوريا بالقول: "أعتقد أن وزيري خارجية البلدين لم يرغبا في المشاركة في طرح فكرة التطبيع خطوة بخطوة، لكن هذا لا يعني رفضهما لها، وإلا لكانا قد أعلنا موقفهما".
خارجية المصري أحمد أبو الغيط".