موضوع: سكان حي شعبي في القاهرة يواجهون ارتفاع الأسعار بزراعة أسطح منازلهم الأربعاء 03 نوفمبر 2010, 14:23
سكان حي شعبي في القاهرة يواجهون ارتفاع الأسعار بزراعة أسطح منازلهم
التجربة تقام بالتعاون مع «أغا خان مصر» الثقافية وتضمنت التنوع في المزروعات والمقايضة في المحاصيل
في تجربة فريدة وتحت شعار «الحاجة أم الاختراع»، قام عدد من المصريين منمحدودي الدخل بزراعة أسطح منازلهم بأنواع مختلفة من الخضراوات لمواجهةالارتفاع المجنون في أسعارها، ولتدبير نفقات حياتهم بشكل آمن لا يعرضهملمخاطر الفقر والجوع.
التجربة التي أصبحت ظاهرة لافتة في حي الدرب الأحمر بالقاهرة شجعتأحياء كثيرة على الاقتداء بها، خاصة بعد أن سجلت أسعار أغلب الخضراوات فيمصر ارتفاعا مضطردا في الآونة الأخيرة تراوحت نسبته ما بين 300 و400 فيالمائة. وشملت زراعة الأسطح عددا من أنواع الخضر، في مقدمتها الفاصولياالتي ارتفع سعرها من 3 جنيهات للكيلو إلى 12 جنيها، والطماطم من 3 جنيهاتإلى 10 جنيهات.
أكثر من 200 منزل بالحي تمت بزراعة أسطحها بالتعاون مع مؤسسة أغا خانمصر الثقافية غير الربحية، وذلك بجمع الأموال مناصفة بينهما لشراء المعداتوالبذور، ومن ثم القيام بعمل صناديق خشبية لوضع التربة الطينية فيهاواتباع طريقة في الري باستخدام خراطيم وجرادل لري وصرف المياه الزائدة دونالإضرار بأسطح المنازل.
وقد قامت المؤسسة بعمل ورش عمل مجانية لسكان الحي سواء من الرجالوالسيدات لإطلاعهم على الطرق الصحيحة للزراعة والري ورعاية تلك الزراعاتللوصول لمحاصيل وخضراوات يمكنهم استخدامها بعيدا عن الأسعار المرتفعة التيلحقت بتلك الخضراوات والاستفادة من بيع الباقي منها التي تزيد علىاحتياجاتهم، وذلك في محاولة لرفع دخول تلك الأسر من محدودي الدخل.
وقال شريف عريان مدير مؤسسة أغا خان مصر لـ«لشرق الأوسط» إنه منالمقرر خلال الفترة القليلة المقبلة تطبيق الفكرة على بقية منازل حي الدربالأحمر للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من الخضراوات، كما أن التجربة تضمنتأيضا تقسيم تلك المنازل إلى مجموعات، حيث تزرع كل مجموعة نوعا أو نوعين منالخضراوات، وفي النهاية تتم المقايضة بين تلك المنازل، فالمنازل التي تزرعطماطم وفاصوليا يمكنها أن تقوم بالمقايضة مع المنازل التي تقوم بزراعةالباذنجان والكوسة.
«عم سلطان» (بائع أحذية)، أحد سكان تلك المنازل قال: «زوجتي أصبحت سعيدةبعد تطبيق تلك التجربة لإحساسها أنه أخيرا قد أصبح لها مشروع تهتم به هيوصديقاتها من الزوجات الأخريات في نفس المنزل، لأن أغلبهن لا يعملن بسببعدم حصولهن على القدر المطلوب من التعليم ليعملن بأي وظيفة، بالإضافة إلىأن هذا المشروع لا يتطلب منهن أن يغادرن منازلهن بل إنه مشروع على سطحمنزلهن، لذا فإن هذه التجربة بالنسبة لهن مفيدة من جميع النواحي».
وعلى صعيد متصل، قال الدكتور أيمن فريد أبو حديد، رئيس المركز المصريللبحوث الزراعية، إن زراعة الأسطح تحقق كثيرا من الفوائد، منها تقليل كميةالملوثات الموجودة بالهواء، والحد من فرص الإصابة بالأمراض، خصوصا أمراضالجهاز التنفسي نتيجة زيادة كمية الأكسجين النقي ونقص غاز ثاني أكسيدالكربون، موضحا أن زراعة المتر المربع الواحد من السطح يؤدى إلى إزالة 100جم من الملوثات الموجودة في الهواء سنويا.
وأكد أبو حديد على ضرورة تعميم مثل تلك التجارب في ظل ما تعانيهالمدن والأحياء المختلفة بمصر من ارتفاع الكثافة السكانية، وانتشار التلوثبسبب عوادم السيارات وزيادة عدد المباني والمنشآت المختلفة من مساكنومدارس ومستشفيات ومصانع، مما ترتب عليه انخفاض شديد في المساحات الخضراء،وللحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، وتزايد التصحر الذي تتعرض لهالمساحات الخضراء في مصر.
وأشار إلى أن وزارة الزراعة المصرية قد قامت بتنظيم مؤتمر حمل اسم«المدن الخضراء» بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) 20 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، تم فيه التأكيد على ضرورة زراعة أسطح المنازلبمختلف المدن المصرية، للمساهمة في حل مشكلات التلوث والسحابة السوداء،وإنتاج الخضراوات، التي تفي ببعض احتياجات الأحياء والمدن لمحاربة الغلاء.
وأضاف أنه سيتم خلال الفترة المقبلة تطبيق مشروع مماثل تنفذه محافظتاالقاهرة والإسكندرية، يقوم على تقنيات زراعة أسطح المباني، بالمدن الجديدة(القاهرة الجديدة - الشروق – السادس من أكتوبر – العاشر من رمضان) لإنتاجالخضراوات التي تفي ببعض احتياجات هذه المدن، التي تبعد عن الأسواقبمسافات كبيرة مما يساعد على التوسع والانتشار في هذه المدن، مشيرا إلىإمكانية تنفيذه أيضا في عدد من المدارس بهذه المناطق. وقال إنه يمكناستغلال المشروع في زراعة الخضراوات والنباتات الطبية والعطرية وغيرها،مما يوفر المساحات المخصصة لزراعة محاصيل أخرى استراتيجية في الأراضيالعادية كالقمح والأرز.
وذكر أبو حديد أن وزارة الزراعة تعكف حاليا على إعداد نموذج لزراعةالأسطح يستهدف تحويل المدن المصرية إلى مدن خضراء، والحفاظ على المباني،حيث وجد أن زراعة أسطح المباني تفيد في حماية الطبقة الخارجية للسطح ضدأشعة الشمس الضارة، مما يطيل من العمر الافتراضي للسطح، وتخفيض درجاتالحرارة مما يوفر في تكاليف التبريد بنسبة تصل إلى 50 في المائة في الصيف،و25 في المائة من احتياجات التدفئة في الشتاء.
جريدة الشرق الاوسط
سكان حي شعبي في القاهرة يواجهون ارتفاع الأسعار بزراعة أسطح منازلهم