تكملة ..
بـ"نكهة التقشف"
جولات قصيرة لـ" إسلام أون لاين" في أسواق القطاع تكفلت بإعطاء مؤشر
على ملامح حياة أبناء غزة البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة في رمضان
محمد فرج صاحب أحد المحلات التجارية وسط مدينة غزة يقول في أسف: "نحن على أبواب رمضان وكل الناس تأتي للتبضع والتسوق ولكنهم يرجعون لبيوتهم بأيد فارغة، والسبب إما غلاء الأسعار، أو عدم وجود المواد التموينية المطلوبة".
وبحزن يؤكد: "شهر رمضان يعتبر موسمًا لكل التجار؛ بسبب إقبال الناس الشديد على الشراء.. ولكن رمضان هذا العام يأتي والبضائع شحيحة وغائبة، وإن توفرت فهي غالية الثمن، فمعظمها يأتي مهربا عبر الأنفاق مع مصر، والقدرة الشرائية ضعيفة جدا".
ومؤخرًا عانى التجار من شح البضائع نتيجة تكرار حوادث انهيار الأنفاق وموت العشرات من العاملين فيها، إلى جانب محاربة السلطات المصرية للأنفاق التي يصفها الغزيون بـ"شريان الحياة" لهم في ظل الحصار.
وأمام حرارة فواتير الحياة ستضطر العائلات إلى حذف خيارات كثيرة من القائمة الرمضانية مكتفية بنكهات التقشف، فأبو محمد الشوا يقول لـ"إسلام أون لاين.نت" والقهر يتقاطر من كلماته: "المتجول في السوق للتبضع بحاجيات رمضان تنتابه الحسرة والألم؛ فالأسعار نار، والحالة الاقتصادية صعبة للغاية، والذي كنا نوفره على مائدتنا العام الماضي لن نستطيع توفيره في رمضان القادم".
طعام واحد
وتضرب نهاد الحلو -الأم لثمانية أطفال- كفًّا بكفٍّ بعد أن ضاقت ذرعًا بطلبات صغارها؛ فزوجها عاطل عن العمل ولا يستطيع توفير أدنى الاحتياجات، وتقول: "طلبات الأولاد في رمضان كثيرة لا تنتهي، ونفقاتهم أكبر.. وللأسف هذا العام لن نتمكن من توفير إلا أهم الأهم، وسنكتفي بصنف واحد سواء على الإفطار أو السحور".
وتصف الطفلة وئام حال بيتهم في رمضان بعبارات قصيرة وموجعة قائلة: "بابا لن يأتي لنا باللحوم والأسماك ولا الفواكه.. سنكتفي بالفول والحمص فقط، والفانوس لن نشتريه، والوجبات الشهية سنحذفها من قاموس لغتنا.. والسهرات الرمضانية سنودعها"، وتابعت في أسى: "رمضان هذا العام حزين ودامع".
وفي ظل الحصار الخانق تطل أرقام الإنذار من مستقبل قاتم ستخيم ظلاله على القطاع المحاصرة؛ إذ يؤكد جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لفك الحصار في تصريح صحفي أن 80% من المواطنين في غزة يعيشون تحت خط الفقر، وأن نحو 140 ألف عامل عاطلون عن العمل، وأكثر من مليون شخص في غزة يعيشون على المساعدات.
على أضواء الشموع
وإذا كانت نهارات رمضان ستمر قاسية ومؤلمة على قلوب أهالي غزة، فإن المساءات ستكون أكثر بؤسا وشقاء؛ فمشهد انقطاع التيار الكهربائي سيفرض نفسه وبقوة هذا العام، والإفطار على أضواء الشموع سيكون سيد الموقف.
أم باسل خاطر لم تستعد لرمضان بملء مطبخها وثلاجتها بالحاجيات وتجهيز البيت بشتى الأصناف والمأكولات، بل سارعت إلى اقتناء الشموع وتخزينها قبل نفادها من الأسواق، موضحة: "في الأعوام السابقة كنا نعاني من انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود شموع في الأسواق واضطررنا في مرات عديدة للإفطار في الظلام، ولا أريد لهذه المأساة أن تتكرر".
وتستدرك: "ألا يكفي شبح الفقر المسيطر على حياتنا؟!.. حتى نور الكهرباء سنُحرم منه.. حياتنا لا تُطاق".
وكانت محطة الكهرباء قد حذرت في بيان لها الأسبوع الماضي من مغبة أزمة عنيفة في توزيع التيار الكهربائي خاصة في ساعات المساء بسبب نقص حاد في الوقود، وقالت: إن هذه الأزمة ستحول ليل رمضان إلى ظلام.
وطالبت سلطة الطاقة في غزة الاتحاد الأوروبي بالضغط على إسرائيل لإدخال السولار اللازم لتشغيل المولد الإضافي -الذي تمت صيانته في مصر مؤخرا- والذي يرفع قدرة إنتاج المحطة للتخفيف عن أهالي القطاع.