مياه المسابح .. أضرار بالغة على رئة الأطفال
تعقيمها بالكلور لا يقل ضررا عن التدخين.. والأوزون أحد البدائل المقترحة
الرياض: د. حسن محمد صندقجي
منْ يحرصون على تلقي أولادهم أو بناتهم دروساً في السباحة خلال المراحلالمبكرة جداً من العمر، وعلى وجه الخصوص في مسابح مغلقة، داخل صالات ذاتأنظمة تهوية ضعيفة، ربما عليهم أن يُراجعوا ذلك الأمر مجدداً. وكذلك علىالذين يتباهون بامتلاكهم، في منازلهم أو فيلاتهم، مسبحا داخليا مغلقا،عليهم أيضاً أن يُراجعوا الأمر برمته من جديد حرصاً على سلامتهم وسلامةأطفالهم. وأن يحرصوا بدلاً من هذا على إنشاء تلك المسابح في المساحاتالخارجية، ضمن أسوار المنزل. أو اعتماد أنظمة لتعقيم مياه المسابح لايُستخدم الكلور فيها. أو أضعف الإيمان كما يُقال، الاهتمام بتهوية غرفوصالات المنزل بشكل فاعل للتخلص من تشبع الهواء المنزلي بأبخرة غاز الكلورومشتقاته. وأيضاً بأن تتم عملية التعقيم بالكلور ضمن حدود اللازم ومن قبلمتخصصين بعيداً عن حالات تشبيع المياه بالكلور، ذلك أن ثمة العديد منالدراسات الطبية التي بدأت في التحذير من مغبة استنشاق الهواء، داخلالمنزل أو في الصالات المغلقة، المشبع بالأبخرة المتصاعدة من مياه المسابحالمعقمة بمادة الكلور.
وكان آخرها قد صدر للباحثين من بلجيكا في الأسبوع الأول من شهر يونيوالحالي ضمن مواضيع مجلة طب الأطفال التابعة للأكاديمية الأميركية لطبالأطفال. وفي دراستهم، قال الباحثون من جامعة لوفاين الكاثوليكية فيبروكسل إن الأطفال الذين يتلقون دروس تعليم السباحة، والتي تتم في مسابحداخلية مغلقة، إنما هم عُرضة لتأثيرات رئوية سلبية تبدو على هيئة ارتفاعنسبة الإصابات بالربو asthma والإصابة بالتهابات الشعب الهوائيةbronchitis فيما بينهم لاحقاً.
* المسابح المغلقة وتأتي هذه الدراسة الحديثة بعد توالي ورود دراسات طبيةسابقة، كان ملحق الصحة في «الشرق الأوسط» قد أشار إلى بعضها في ثلاثمناسبات سابقة، حول أسباب ارتفاع معدلات الإصابة بالربو بين السباحين،المحترفين والهواة، المشاركين في العاب الماء المختلفة التي تُمارس فيالصالات المغلقة. كما صدرت حديثاً دراسة للباحثين من بريطانيا واسترالياحول تضرر العاملين في المسابح المغلقة، كالمراقبين لحالات الغرق فيها أومدربي تعليم السباحة، جراء استنشاق المواد الكيميائية الناتجة عن تفاعلاتالكلور المستخدم في تعقيم مياه المسابح تلك. وقال الدكتور ثيكيت، الباحثالرئيس في الدراسة والمتخصص في أمراض الرئة المرتبطة بالمهن في مستشفىهارتلاند ببرمنغهام في بريطانيا، بأن هذا يُضاف إلى جملة من الدراساتالأوروبية والأميركية التي لاحظت ارتفاع نسبة الإصابات بالربو بينالعاملين في المسابح وبين المحترفين للسباحة. كما أن التقارير كانت قدأفادت قبل فترة أن حوالي نصف السباحين الأميركيين المشاركين في الألعابالأولمبية التي جرت منافساتها بأستراليا كانوا بالفعل يُعانون بدرجاتمتفاوتة من الربو وحساسية الصدر.
وهو ما يعتقد الباحثون الطبيون أن سببه تأثر نوعية الهواء المحيطبالمسابح، خاصة الداخلية المغلقة منها، بالمواد المُضافة إلى الماء من أجلتعقيمه وضمان سلامته من الميكروبات. لذا تطرح العديد من المصادر الطبيةاستخدام تقنية التعقيم بالأوزون بديلاً للتغلب على احتمالات الإصابةبالربو تلك. بعيداً عن استخدام الكلور والمواد الكيميائية الأخرى المتكونةجراء تفاعل الكلور مع إفرازات أجسام السباحين، وبالتالي انتشارها فيالهواء المحيط بالمسابح.
ووفق ما قاله الباحثون البلجيكيون، فإن كلور تعقيم مياه المسابح هو سببظهور المشكلة بين الأطفال. وأضافوا بأن المواد الكيميائية التي تنتج عنوجود الكلور في الماء وتفاعله مع إفرازات أجسام السابحين، تعمل على إثارةعمليات الحساسية في داخل الشعب الهوائية لرئة الطفل. وهو ما يُسهل فيمراحل تالية من العمر الإصابة بالربو أو غيره من أمراض الرئة لديه.
* الكلور وتفاعلاته ومن المعلوم أنه ولحماية السباحين من الأمراضالميكروبية في مياه المسابح، فإن الكلور يُستخدم بانتظام في تعقيمها.ويعتني المهتمون بشأن المسابح وتنظيفها بقياس نسبة الكلور ودرجة حمضية pHlevels الماء فيها. ويعمل الكلور على تنقية الماء في المسبح منالميكروبات، لكنه يأخذ وقتاً لإتمام ذلك. لذا فإن من المهم التأكد أن نسبةالكلور تظل طوال الوقت ضمن المقدار الفعال لإنجاز هذه المهمة كما هوالمنصوح به طبياً. إذْ أن هناك عدة عوامل تُقلل من المحافظة على النسبةاللازمة من الكلور لتعقيم الماء، مثل ضوء الشمس والأوساخ والأجزاءالمتحللة من أنسجة جلد السابحين داخل الماء أثناء السباحة. الأمر الذييستدعي ملاحظة النسبة باستمرار لضبطها كي تحافظ على تعقيم الماء منالميكروبات. لكن هنالك أيضاً عاملا آخر مهما في فاعلية الكلور حتى لو كانتنسبته ضمن المنصوح به، وهو عامل مقدار درجة حمضية ماء المسبح. وهو أمريُهتم به لسببين، الأول أن قوة قضاء الكلور على الميكروبات تختلف باختلافدرجة الحمضية. وكلما ارتفع مؤشر الحمضية، أي أصبح الماء أكثر قلويةً، ضعفتقوة الكلور في قتل الميكروبات. والثاني أن درجة حمضية أجسام السباحينتتراوح ما بين 7.2 و7.8، ولو لم تكن درجة حمضية ماء المسبح ضمن هذاالمستوى، سواءً ارتفعت أو انخفضت عنه، لأدى ذلك إلى بدء شكوى السابح منتهيج في العين والجلد والأنف. من هنا أهمية العناية الشديدة بضبط نسبةالكلور ودرجة حموضة الماء. كما ان عدم افتراض أن استخدام الكلور يُعفي،المسؤولين من العناية بنظافة ماء المسابح، عبر الاهتمام بتصفية الماءوترشيحه لإزالة الشوائب أو القاذورات. كما أن إضافة الكلور لا تُعفيمرتادي تلك المسابح من الاهتمام بالنظافة الشخصية قبل وأثناء وبعد السباحة.
والإشكالية المباشرة وتداعياتها ليست هي استخدام الكلور في تعقيم مياهالمسابح، بل هي في تلك المواد الناتجة عن تفاعلات الكلور أثناء وجوده فيتلك المياه. والمعلوم أن الإنسان حين السباحة تخرج منه إفرازات العرق كماتتحلل عن طبقات جلدة كمية من الأنسجة الجلدية الخارجية الميتة. هذا ناهيكعن العبث الذي يُمارسه الأطفال الصغار، وحتى ذوي عقول الأطفال منالبالغين، من خلال التبول أو إلقاء اللعاب في أثناء السباحة داخل مياهالمسابح، بما ينشأ عنه تواجد مواد عضوية داخل مياه المسابح. وهذه الموادالعضوية تتفاعل مع الكلور، المُضاف بالأساس لتعقيم المياه من الميكروبات،ما ينتج عنه تكون مواد كيميائية جديدة ومثيرة لعمليات الحساسية. ومن أهمهامواد تراي كلور أمين trichloramine ، ومواد الدهايدية، وهيدروكاربوناتهالوجينية ، وكلوروفورم ، ومواد تراي هالو ميثان، وكلورامينات، والتي إماأن تتصاعد مع أبخرة الماء في الهواء ليستنشقها السابحون أو الحاضرون داخلتلك المسابح المغلقة، أو تبقى ذائبة في المياه لتتفاعل مباشرة مع أنسجةالجسم الملامسة للمياه. وهي أيضاً ما تُعطي تلك الرائحة المتميزة للهواءالمشبع بالمواد الكلورية والرطوبة في صالات المسابح المغلقة، أو في أجواءهواء المنازل التي بها مسابح داخلية مغلقة. وهي نوعية من الهواء يُميزهاأي منا حال وجوده في صالات السباحة أو منازل بها مسابح مغلقة. والمعلومعلى وجه الخصوص أن مادة تراي كلور أمين trichloramine تتسبب في تهيجعمليات الحساسية في العينين والجلد وأجزاء الجهاز التنفسي العلوي.
* رئة الأطفال
* وكانت مجلة طب الأطفال قد عرضت مؤخراً نتائج دراسة الباحثين البلجيكيينحول مدى تأثر رئة الأطفال، وظهور الإصابات بالربو لاحقاً، جراء تعلمالسباحة وممارستها في مسابح داخلية مغلقة. وشملت الدراسة حوالي 250 منطلاب المدارس، ممن أعمارهم تتراوح بين 10 و13 سنة، وممن يتابعون الحضورإلى دروس تعلم السباحة في مسابح مغلقة بمعدل ساعة وخمسين دقيقة أسبوعياً.وتبين أن 50% ممنْ تلقوا دروسا في تلك المسابح المغلقة وفي مراحل مبكرة منالعمر كانوا يُعانون من نوبات صفير الصدر، وأنهم عُرضة بنسبة أربعة أضعافللإصابة بالربو أو التهابات الشعب الهوائية، وأيضاً عُرضة بنسبة الضعفللمعاناة من ضيق التنفس عند الهرولة أو الجري. هذا بالمقارنة مع الأطفالالذين لم يتلقوا تلك الدروس في السباحة بمسابح مغلقة داخلية في تلكالمرحلة من العمر.
ولفحص هذا الجانب حول دور تعلم الأطفال الصغار للسباحة في مسابح داخليةمغلقة ونشوء حالات الربو فيما بينهم، قام الدكتور بيرنارد وزملاؤهالباحثون من جامعة لوفاين الكاثوليكية في بروكسل بدراسة مسح إحصائي لمدىإصابات مجموعة من الأطفال بمرض الربو. وتم سؤال والديهم حول صحة الجهازالتنفسي لأطفالهم وتعرضه لانتكاسات صحية سابقة، ونوعية المؤثرات البيئيةالتي يتعرضون لها في الهواء. كما أجرى الباحثون تحاليل لدم هؤلاء الأطفالخاصة ببعض أنواع البروتينات في الدم، والتي تعتبر نسبة وجودها في الدموثيقة الصلة بمستوى صحة الأغشية المبطنة للشعب الهوائية داخل تراكيب الرئةلدى الأطفال.
وتبين للباحثين، من مراجعة النتائج، أن الأطفال الذين تواجدوا بالعمومداخل تلك الصالات المغلقة للمسابح الداخلية، تبدو عليهم علامات ومؤشراتتلف في الأغشية المبطنة للشعب الهوائية. وأن هذا التلف في تلك الأغشية علىوجه الخصوص يجعلهم عُرضة بشكل أكبر للإصابة بنوبات الربو والإصابة أيضاًبحالات متكررة من التهابات الشعب الهوائية. وتحديداً قالوا بأن أنسجةبطانة الشعب الهوائية تصبح غير قادرة على التحكم في منع نفاذ الموادالكيميائية المهيجة لتفاعلات الحساسية إلى داخل أنسجة الرئة، ما يُسهلنفاذ تلك المركبات الكيميائية عند تعرض الطفل لها، وبالتالي ظهور نوباتالربو والتهابات الشعب الهوائية. وقال الباحثون إن نتائجنا تقترح أن سباحةالأطفال الصغار في مياه معقمة بالكلور للمسابح المغلقة مرتبط بتغيرات فيأنسجة الشعب الهوائية للرئة. وهو، مع تعرضهم لعوامل بيئية أخرى كأدخنةالسجائر، يُحفز إصابات الأطفال هؤلاء بالربو والتهابات الشعب الهوائية.
والمعلوم أن الرئة وتراكيبها لدى الأطفال الصغار في تلك المراحل المبكرةمن العمر، إنما هي في طور النمو، وفي طور التعود على المؤثرات البيئيةايضا، من مواد كيميائية وغبار وأتربة، في الهواء. وهو ما يعني حساسية تلكالمرحلة وتداعيات تفاعلاتها على صحة الرئة في مراحل تالية من العمر. ولذالاحظ الباحثون أن الرئة والشعب الهوائية لدى الأطفال تتأثر سلباً من ناحيةعُرضة استعدادها للإصابة بنوبات الربو وتكرار التهابات الشعب الهوائية لدىالأطفال الذين تعرضوا لهواء المسابح المغلقة المشبع بغازات الكلور وأيضاًلأدخنة السجائر. أي أن تزايد التعرض للعوامل المهيجة لأنسجة الرئة يرفع منالاحتمالات المستقبلية في حساسية الرئة وتراكيبها.
* سجال علمي
* وفي معرض التعليق على الدراسة، قال الدكتور ألن كدافي، طبيب الأطفالالمتخصص بالربو في المركز الطبي لجامعة نيويورك، إن الدراسة بلا ريبتجعلنا نعيد مراجعة تعريض الأطفال الصغار لمياه المسابح، المغلقة، إذا ماكانت تُؤثر على نمو أنسجة الرئة لديهم. لكن الدراسة قليلة العدد، وأعتقد،على حد قوله، أن من المبكر أن يمتنع الوالدين، بموجب نتائجها، أخذ أطفالهمإلى دروس تعلم السباحة فيها. هذا مع اعتبار أنه شيء يجب التفكير فيه.
لكن الدكتور ألفرد برنارد، الباحث الرئيس في الدراسة البلجيكية، قالكلاماً واقعياً دقيقاً حول الأمر برمته، إذْ صرح بالقول إن من المهم إدراكأن الدراسات الطبية التي فحصت تأثير أمان تلك المواد الكيميائية المستخدمةفي تعقيم مياه المسابح، إنما بدأت حديثاً. بمعنى أن تنبه الأطباءوالباحثين حول احتمالات وجود تأثيرات سلبية صحية، وخاصة على الأطفال،للكلور إنما هو تنبه حديث ولم يُحاول الباحثون جلاء حقيقة الأمر فيالسابق. وأن صدور مثل هذه الدراسات الحديثة إنما هو في واقع الحال تطور فيالمعرفة الطبية لما كنا غافلين عنه وعن تأثيراته السلبية. والتفكيرالمنطقي البسيط يستوجب، حال سماع بدء تنبه الأطباء إلى آثار سلبية محتملة،عدم ردها بدعوى أنها دراسات قليلة العدد أو أن عدد الأفراد التي شملتهمقليلة، أن مثل هذه المتطلبات، في الأبحاث والدراسات، إنما تكون عند مقارنةتأثيرات أمرين معرفين، وذلك في محاولة معرفة أي منهما أقوى في الدلالةوالمعنى من النواحي الطبية. أما حينما يكون الحديث عن شيء لم يسبق التنبهإليه بشكل جدي، خاصة حينما يتعلق الأمر بصحة الأطفال ونمو أنسجة أعضائهمالتي يعلم الكل مدى حساسية تأثرها بالظروف وبمتغيرات البيئة من حولهم،يكون وقع النتائج مختلف تماماً. ويستوجب على أقل تقدير عدم إهمالها، بلومتابعة إجرائها على نطاق أوسع وفي مجتمعات مختلفة، مع التنبيه الجادللوالدين أو غيرهم أن ثمة تحذيرات طبية حالية من احتمالات التأثر السلبي.
ولذا أضاف الدكتور بيرنارد القول: على الرغم من أن تعقيم مياه المسابحبالكلور هو جزء أساسي في تحقيق أمان السباحة فيها، إلا أن على الوالدينوالمسؤولين عن العناية بالمسابح إدراك أن هذه الطريقة يُمكن استخدامها فيتعقيم المسابح بطريقة آمنة فقط إذا ما تم الحفاظ على نسب الكلور في أدنىمستويات كفيلة بقتل الميكروبات، دون إضافته بكميات سامة تعرض السباحينللتأثيرات الصحية السلبية.
واستطرد بالقول إن وضع مستويات منخفضة من الكلور في مياه المسابح يرفع مناحتمالات التعرض للالتهابات الميكروبية. ولو وضع بكميات عالية لأدى إلىارتفاع احتمالات التأثر السلبي به. وهو ما عبر بالقول عنه الدكتور برناردإن الكلور يجب استخدامه كمادة تُضاف للتعقيم من الميكروبات، وليس كمادةمنظفة لمياه المسابح.
وقال الدكتور برنارد إذا ما كانت سباحة الأطفال شيئاً متكرراً، فإن علىوالديهم أن لا يأخذوهم إلى مسابح لا يهتم بها المسؤولون عنها بشكل جيد.لأن مياه المسابح آنذاك والهواء المحيط بها سيحتوي نسبة عالية من الكلور.وهو ما يُمكن للوالدين الشعور به عبر إما شم رائحة الكلور القوية فيالهواء حينئذ، أو بدء الشعور بشيء من الحكة أو التهيج في العينين أو الأنفأو الحلق خلال السباحة.
وقال بأن على الوالدين عموماً الاهتمام بمنع تمادي الأطفال في السباحةوالتواجد في مياهها لمدة تزيد عن عشرين دقيقة إذا ما شكوا بأن نسبة الكلورعالية. كما ويجب منع الأطفال من شرب مياه المسابح مطلقاً.
* التعقيم بالأوزون.. ليس لمياه الشرب فقط
* يربط الباحثون الطبيون بين وجود المركبات الكيميائية الناجمة عن تفاعلالكلور مع المواد العضوية في مياه الشرب أو في مياه المسابح، وبين ارتفاعالإصابات بالربو وحساسية أجزاء الجهاز التنفسي العلوي ( التي تسبق وصولالهواء إلى القصبة الهوائية بالرئة ) وتلف أنسجة الرئة نفسها وحالاتالإجهاض وسرطان المثانة. وهي ملاحظات علمية تبدت للباحثين نتيجة الدراساتالتي تم إجرائها في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وبلجيكا وألمانياواستراليا. وهي جوانب سبق عرضها في عدد 25 يناير من ملحق الصحة بـ«الشرقالأوسط»، عند الحديث عن تعقيم مياه الشرب بالكلور. بل إن احدى تلكالدراسات قالت تحديداً إن الأطفال الذين في سن العاشرة حينما يقضون حواليساعتين أسبوعياً في مسابح مغلقة ومعقمة مياهها بالكلور فإن التلف الذييطال الرئة لديه يوازي ذلك الذي يُلاحظ طبياً على رئة البالغ عند تدخينهالسجائر! والسؤال هو هل تتوفر بدائل لتعقيم مياه المسابح بغية استخدمهاعوضاً عن اللجوء إلى الكلور لتحقيق هذه الغاية؟
اهم تلك البدائل المطروحة اليوم بشكل جاد هو استخدام تقنية التعقيمالمتواصل بالأوزون. ولئن كانت شركات إنتاج مياه الشرب المعبأة قد سبقت إلىاستخدام إما تقنية الأوزون أو الأشعة ما فوق البنفسجية لتعقيم المياه تلكحفاظاً على طعم مياه الينابيع النقي والصافي المعبأة لترغيب المستهلكينلشرائها، فإن الأمر نفسه ممكن لتعقيم مياه المسابح، بل هو أفضل وأضمن،لسبب بسيط وهو أن ضمان نقاء الماء من الميكروبات باستخدام الأوزون، هوضمان وقتي حال التعبئة فقط. أما بعد هذا، إن لم تكن تلك العبوات محكمةالإغلاق التام، فإن الماء قد يكون عرضة للتلوث ولنمو الميكروبات فيه. هذابخلاف الكلور الذي تظل مادته في الماء طوال الوقت لتضمن التعقيم المستمرإلى حد كبير طوال الوقت.
وبالرغم من توفر هذه التقنية في مناطق شتى من أوروبا لتعقيم مياه بعض منالمسابح منذ أكثر من 50 عاماً، إلا أن اعتماد المسابح الترفيهية العامةعلى استخدم تقنية الأوزون في تعقيم مياهها يظل متأخراً جداً، خاصة فيالولايات المتحدة. لكن ثمة توجها نحو الاستفادة منها في هذا المضمار، ولعلأولها ذلك الذي أُقيم قبل بضع سنوات في فيرهوب بولاية ألاباما، إلا أن ثمةصعوبات في تعميم هذا الأسلوب. والإشكالية هي في الكلفة العالية لتوفيراستخدام تلك التقنية، التي قد يراها البعض أهم من كل نتائج تلك الدراساتالطبية التي تحدثت عن مجموعات من الآثار الصحية السيئة على مرتاديالمسابح. هذا بالرغم أيضاً من أن الباحثين في تخصصات شتى مرتبطة بالعنايةبمياه المسابح، وبالمسابح نفسها يقولون بأن الكلفة المادية العالية تلك فيالبداية يُعوضها عدم الحاجة إلى تلك الرعاية المتكررة لتعقيم مياه المسابحباستخدام الكلور، وكذلك حماية بنية المسابح نفسها وأجزائها المختلفة منتأثيرات الكلور عليها. سواء كان الكلام عن تراكيب بناء بركة السباحة نفسهاأو أنظمة التهوية والإضاءة لصالات السباحة أو حتى الأثاث فيها. والتيبالجملة لا يتسبب الأوزون بأي منها.
كما يقولون بأن الماء سيكون أكثر نقاوة، ما يُسهل على أجهزة التصفية العملبسرعة على تنقية المياه من الشوائب دون التعرض لكل المركبات الكيميائيةالتي تنتج عن تفاعل الكلور مع المواد العضوية المتجمعة في مياه السباحة.
ويتم إنتاج الأوزون من جزيئات الأوكسجين المكونة من ذرتين للأوكسجين، وذلكعبر عملية التحويل باستخدام الطاقة الكهربائية نحو تكوين جزيئات الأوزونالمكونة من ثلاث ذرات من الأوكسجين. والحقيقة أن الأوزون هو مادة أقوىبمراحل كثيرة من الكلور في قدراته القضاء على الميكروبات. لكن لأن عمرجزيئ الأوزون قصير جداً، فإن من اللازم توفير جهاز لإنتاجه بشكل متواصل كيتتم عملية تعقيم المياه بشكل متواصل أيضاً.