العمدة الباشا Admin
الجنس : الابراج : عدد المساهمات : 4668 تاريخ التسجيل : 16/07/2009 العمر : 53 المزاج : رايق
| موضوع: قصة التحكيم بين علي ومعاوية السبت 09 أكتوبر 2010, 03:11 | |
| قصة التحكيم
وإعادة قراءة التاريخ (37 هـ)
(الراصد)
يعتبر التاريخ مصدراً هاماً من مصادر حفظ كيان الأمموالشعوب, لذلك كانت كتابة التاريخ أمراً ذا حساسية وخطورة بالغتين, لمالكتابة التاريخ من أثر بالغ في تشكيل القليّات وإقناع الناس, وادّعاءالحقوق, وليس اليهود في فلسطين عنّا ببعيد, فقد امتدت أيديهم إلى التاريختحريفاً وتزويراً وهم يخرجون لنا النصوص والوثائق التي يحرفونها أو يحرفونمدلولاتها ليقولوا للعالم أن فلسطين أرض يهودية منحها الله لهم.
والتاريخ الإسلامي شأنه شأن تاريخ الأمم والشعوبالأخرى لم يسلم من هذا التحريف والتزوير, الذي أصبح –للأسف- كالحقائقالمسلّم بها عند الخاصة والعامة على حدّ سواء, وأصبحت كتب التاريخ والأدبتعج بالأباطيل والأكاذيب, ويقدم هذا كله على أنه "التاريخ الإسلامي".
والمؤرخون والباحثون على أنواع:
الصنف الأول:
لا يسرّه أن يرى راية الإسلام مرتفعة خفّاقة, ويحب أن يشوّه هذا التاريخالمليء بالجهاد والتضحية ونصرة الإسلام, ولا يرى التاريخ إلا مجموعة منالغاضبين للسلطة المعادين لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
الصنف الثّاني:
الذين يخلطون بين الغث والسمين, وينقلون الروايات بلا تمحيص أو تثبيت, وبعضهم يرغب في إشباع موضوعه بغض النظر عن الروايات المنقولة.
الصنف الثالث:
هم الذين يؤمنون بنصاعة تاريخنا الإسلامي وخاصة في عصوره المتقدمة, ويرونعدالة الصحابة, ويتثبتون مما ينقلونه, ويعرضون عن الروايات المكذوبةوالمختلفة.
نقول هذا عن التاريخ لنعرج على حدث من أحداث التاريخ الإسلامي في عصوره المتقدمة, وتحديداً زمن الخلافة الراشدة, ألا وهو حادثة التحكيم التيجرت سنة 37هـ في أعقاب حرب صفين التي دارت رحاها بين جيش العراق الذي قادهالإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجيش الشام بقيادة معاوية بن أبيسفيان رضي الله عنه.
لقد كانت حادثة التحكيم نموذجاً للتحريف الذي أصاب كتابة التاريخ بحيث تم تصوير الرغبة في حقن دماء المسلمين وإنهاء الحرب بأنها مثال للغدر والخديعة.
ولعل الحديث عن التحكيم يعيدنا للأحداث التيسبقتها خاصة معركة صفين سنة 37هـ حيث انطلق خليفة المسلمين الإمام علي بنأبي طالب من الكوفة في العراق([1]) يريد قتال أهل الشام الذين امتنعوا عنمبايعته, حيث كان معاوية يرى أن تسليمه قتلة عثمان لأنه وليه يجب أن يتمقبل مبايعته لعلي, أما علي فكان يرى أن مبايعة معاوية –وكان آنذاك والياًعلى الشام- يجب أن تتم أولاّ, ثم ينظر في شأن قتلة عثمان بحسب المصلحةوالقدرة.
واندلع القتال بين الطرفين, وقتل من المسلمين عدد كبير, وحلّت بالمسلمينفاجعة سرعان ما دفعت العقلاء والمخلصين من الطرفين للدعوة لوقف هذه الحربوحقن الدماء, وكانت الرغبة بالصلح رغبة عامة, ورفعت المصاحف على الرماحرغبة في أن يتم التحاكم إلى كتاب الله.
وانتدب الإمام عليّ أبا موسى الأشعري من طرفه حكماً, وانتدب معاوية منطرفه عمرو بن العاص في محاولة منهما لنزع فتيل الأزمة ووقف الحرب.
يقول الإمام أبو بكر بن العربي في كتابه العواصممن القواصم: "وكان أبو موسى رجلاً تقيّاً ثقفاً فقيهاً عالماً, أرسلهالنبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن مع معاذ, وقدّمه عمر وأثنى عليهبالفهم". وكذا كان عمرو بن العاص ذكيّاً فطناً صاحب رأي ومشورة. واتفقالطرفان على إنهاء الحرب, وأن يرجع كلّ منهما إلى بلده, ولم يتطرقا إلىالأمور الشائكة وهي مبايعة معاوية لعليّ, وتسليم علي قتلة عثمان إلىمعاوية, وركّزا على التهدئة وترك الأمور التي سببت النزاع جانباً.
وبالرغم مما بذله الحكمان, أبو موسى وعمرو, من جهدلتسوية النزاع, وبالرغم من الأثر الإيجابي للتحكيم, إلا أن فئة من الناسلم يَرُق لها أن يضع المسلمون حدّاً لاقتتالهم, فإن في ذلك خطراً عليهموعلى مصالحهم, ومن بين هؤلاء الخوارج الذين كفروا المسلمين عامة ومن رضيبهذا التحكيم خاصة, مدّعين أن تحكيم الرجال تعدٍّ على حكم الله وشرعه,وممن رفض هذا الصلح تلك الفئة المثيرة للفتن من أنصار عبد الله بن سبأالذي تولى كبر فتنة عثمان رضي الله عنه, حيث كان أبرز الذين ألبّوا الناسعلى عثمان, وبالغوا في عليّ حتّى ألّهوه.
لم يرق لهؤلاء وغيرهم أن تتوقف الحرب بين هاتينالفئتين من المسلمين, فلفّقوا ما استطاعوا تلفيقه, وصوّروا أبا موسىالأشعري رضي الله عنه بصورة المغفل الساذج مقابل عمرو بن العاص الغادرالمخادع, إذ قدّموا لنا رواية عن التحكيم بطلها وراويها هو أبو مخنف لوطبن يحيى, وهو رجل لا يوثق به, مبغض للصحابة, وأعرضوا عما رواه الإمامالبخاري, فقد روى أبو مخنف هذا أن عمرو بن العاص اتفق مع أبي موسى الأشعريعلى عزل علي ومعاوية, فصعد أبو موسى المنبر وقال: أني أنزع عليّاً منالخلافة كما أنزع خاتمي هذا, ثم نزع خاتمه, وقام عمرو وقال: وأنا أنزععليّاً كذلك كما نزعه أبو موسى كما أنزع خاتمي هذا, وأثبت معاوية كما أثبتخاتمي هذا.
وهذه الرواية لا يعتمد عليها لأسباب:
أولاً:
السند ضعيف فيه أبو مخنف الكذاب.
ثانياً:
خليفة المسلمين لا يعزله أبو موسى ولا غيره, إذ لا يعزل الخليفة عند أهلالسنة بهذه السّهولة, والذي وقع في التحكيم هو أنهما اتفقا على أن يبقىعلي في الكوفة وهو خليفة المسلمين, وأن يبقى معاوية في الشام أميراً عليها.
ويضيف د. حامد الخليفة في كتابه (الإنصاف) معلّقاً على رواية أبي مخنف:
((فالمغالطة هنا أن معاوية لم يكن يومئذ خليفة, ولم يكن يطالب بالخلافة, فكيف يخلع عن شيء لا يمتلكه))؟.
ولا يخفى ما تنطوي عليه هذه الروايات من قدح وذمّفي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتهام بعضهم بالغدر والخيانة, ومايخالف هذا امتداح الله ورسوله لهم.
للاستزادة:
1- الإنصاف فيما وقع في تاريخ العصر الراشدي من الخلاف – الدكتور حامد محمد الخليفة ص533.
2- حقبة من التاريخ – الشيخ عثمان الخميس ص84.
3- العواصم من القواصم – القاضي أبو بكر بن العربي ص117.
====================================
إبطال قصة التحكيم الشهيرة بين أبي موسى وعمرو بن العاص رضي الله عنهما
سليمان بن صالح الخراشي
قصة تحكيم أبي موسى وعمرو بن العاص في الخلاف الذي كانبين علي ومعاوية – رضي الله عن الجميع – مشهورة ذائعة في كتب الإخباريينوأهل الأدب ، وفيها ما فيها من لمز الصحابة رضي الله عنهم بما ليس منأخلاقهم . وقد فند هذه القصة الباطلة : ابن العربي في العواصم ، والدكتوريحيى اليحيى في " مرويات أبي مخنف " . وقد وجدتُ الشيخ محمد العربيالتباني قد أجاد في إبطالها في رده على الخضري المؤرخ ؛ فأحببتُ نشر ردهباختصار ليطلع عليه القراء ، وينتشر بينهم ؛ لاسيما وهو في كتاب شبه مفقود.
قال الشيخ التباني : لا صحة لما اشتهر في التاريخ من خديعة عمرو بن العاص لأبي موسى في قضية التحكيم
( قال – أي الخضري - في ص 72 : ( فتقدم أبو موسىفحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمةفلم نر أصلح لأمرها ولا ألم لشعثها من أمر قد أجمع عليه رأيي ورأي عمرووهو أن نخلع علياً ومعاوية وتستقبل هذه الأمة هذا الأمر ؛ فيولوا منهم منأحبوا عليهم وأني قد خلعت علياً ومعاوية فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم منرآيتموه لهذا الأمر أهلاً ثم تنحى وأقبل عمرو فقام مقامه فحمد الله وأثنىعليه وقال : إن هذا قال ما قد سمعتم وخلع صاحبه وأنا أخلع صاحبه كما خلعهوأثبت صاحبي معاوية فإنه ولي عثمان والطالب بدمه وأحق الناس بمقامه ،فتنابزا، ويروي المسعودي أنهما لم يحصل منهما خطبة وإنما كتبا صحيفة فيهاخلع علي ومعاوية وأن المسلمين يولون عليهم من أحبوا ، وهذا القول أقرب فينظرنا إلى المعقول وإن لهج كثير من المؤرخين بذكر الأول اه ) .
أقول: هذه الأسطورة الموضوعة في خديعة عمرو لأبيموسى في التحكيم شبيهة بالأسطورة الموضوعة على علي وابن عباس والمغيرة بنشعبة في إشارة هذا على أمير المؤمنين بإبقاء عمال عثمان ، فإن المقصود منوضعها الطعن في حيدرة ببعده عن الدهاء والسياسة وتبريز المغيرة وابن عباسفيهما عليه ، وقد تقدم إبطالها ، والمقصود من هذه إظهار بلاهة حكمه وتبريزحكم معاوية عليه فيهما.
فهذه الأسطورة باطلة بثمانية أوجه.
الأول:
رواها أبو مخنف المتفق أئمة الرواية على أنه أخباري هالك ليس بثقة.
الثاني:
الطعن في أبي موسى بأنه مغفل طعن في النبي صلى الله عليه وسلم الذي ولاه على تهائم اليمن زبيد وعدن وغيرهما وهو مغفل.
الثالث:
الطعنُ فيه بما ذكر طعنٌ في الفاروق الذي ولاه أميراً على البصرةوقائداً على جيشها فافتتح الأهواز وأصبهان، وكتب في وصيته لا يقر لي عاملأكثر من سنة وأقروا الأشعري أربع سنين وهو مغفل ، فأقره عثمان عليهاقليلاً ثم عزله عنها فانتقل إلى الكوفة وسكنها وتفقه به أهلها كما تفقهبها أهل البصرة وقرأوا عليه. ثم ولاه عثمان على الكوفة بطلب أهلها ذلك لماطردوا عاملهم سعيد بن العاص .
قال الشعبي : انتهى العلم إلى ستة فذكره فيهم،وقال ابن المديني: قضاة الأمة أربعة عمر وعلي وأبو موسى وزيد بن ثابت،وقال الحسن البصري فيه : ما أتاها –يعني البصرة- راكب خير لأهلها منه،فهؤلاء الوضاعون الكائدون للإسلام ورجاله مغفلون لا يحسنون وضع الأباطيل ؛لأنهم يأتون فيها بما يظهر بطلانها في بادئ الفهم الصحيح لكل مسلم.
الرابع:
ذكر ابن جرير في فاتحة هذه الأسطورة أن عمراً قال لأبي موسى ألستتعلم أن معاوية وآله أولياء عثمان ؟ قال : بلى، قال : فإن الله عز وجل قال( ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كانمنصوراً ) وكلاماً كثيراً بعده في استحقاق معاوية للخلافة ، فأجابه أبوموسى عن جله جواباً شافياً ولم يجبه عن احتجاجه بالآية، وكأنه سلمه،والاحتجاج بها على خلافة معاوية فاسد من أوجه كثيرة لا حاجة لذكرها كلها ؛منها أنه تعالى قال ( فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً ) فأي إسراف ونصرحصلا له في جيش أمير المؤمنين وقد قتل من جيشه الطالب بدم عثمان البريءمنه خمسة وأربعون ألفاً على أقل تقدير، ومن جيش حيدرة خمسة وعشرون ألفاً ؟وأي إسراف ونصر حصلا له وقد أشرف على الهزيمة الكبرى ولولا المصاحف لهلكجل جيشه ؟ وجهل فادح ممن يحتج بها على ذلك ،فمحال صدوره من عمرو وهو منعلماء الصحابة ومحال تسليمه ولو صدر منه من أبي موسى الأعلم منه.
الخامس:
ما نقصت هذه الخديعة لو صحت مما كان لأمير المؤمنين عند أتباعه شيئاًوما أفادت معاوية شيئاً جديداً زائداً عما كان له حتى يصح أن يقال فيها إنفلاناً داهية كاد أمة من المسلمين بكيد مقدمها ومحكمها ، وغاية أمرها أنهاأشبه بعبث الأطفال لا تتجاوز العابث والمعبوث به ، وبرَّأ الله تعالىأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا العبث.
السادس:
لو صحت هذه الأسطورة لم يلزم منها غفلة أبي موسى ودهاء عمرو ، بل تدلعلى مدح أبي موسى بالصدق والوفاء بالوعد والعهد وهي من صفات الأخيار منبني آدم فضلاً عن المؤمنين فضلاً عن الصحابة ، ووصم عمرو بالخيانة والكذبوالغدر وهي من صفات الأشرار من بني آدم ، وكان العرب في جاهليتهم ينفرونمنها أشد النفور ولا قيمة لمن اتصف بواحدة منها عندهم ، وقد ذم ورهب دينالإسلام مرتكبيها، وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه وينادى على رؤوس الخلائق هذهغدرة فلان فلان".
السابع:
لا يخلو قول عمرو فيما زعموا عليه ( وأثبت صاحبي معاوية ) من أمرين:الأول ثبته في الخلافة كما كان أولاً ، وهذا هو المتبادر من لفظ التثبيت ،وهو باطل قطعاً ؛فإنه لم يقل أحد ينتسب إلى الإسلام إن معاوية كان خليفةقبل التحكيم حتى يثبته حَكمه فيها بعده ، ولم يدعها هو لا قبله ولا بعده ،ولم ينازع حيدرة فيها.
الثاني ثبته على إمارة الشام كما كان قبل ، وهذاهو المتعين دراية وإن لم يصح رواية ، وهو تحصيل الحاصل ، وأي دهاء امتازبه على أبي موسى في تحصيل الحاصل ؟ وأي تغفيل يوصم به أبو موسى مع هذاالعبث؟ فهل زاد به معاوية شيئاً جديداً لم يكن له من قبل ؟ وهل نقص به عليعما كان له قبل؟
الثامن:
قال القاضي أبو بكر بن العربي في القواصم والعواصم: قد تحكم الناس فيالتحكيم فقالوا فيه مالا يرضاه الله ، وإذا لحظتموه بعين المروءة دونالديانة رأيتم أنها سخافة حمل على تسطيرها في الكتب في الأكثر عدم الدين،وفي الأقل جهل متين، ثم قال : وزعمت الطائفة التاريخية الركيكة أن أباموسى كان أبله ضعيف الرأي مخدوعاً في القول ، وأن ابن العاص كان ذا دهاءوأرب حتى ضربت الأمثال بدهائه تأكيداً لما أرادت من الفساد ، اتبع في ذلكبعضُ الجهال بعضاً وصنفوا فيه حكايات ، وغيره من الصحابة كان أحذق منهوأدهى ، وإنما بنوا ذلك على أن عمراً لما غدر أبا موسى في قصة التحكيم صارله الذكر في الدهاء والمكر، ثم ذكر الأسطورة باختصار ثم قال : هذا كله كذبصراح ما جرى منه حرف قط ، وإنما هو شيء أخبر عنه المبتدعة ووضعتهالتاريخية للملوك ؛ فتوارثه أهل المجانة والجهارة بمعاصي الله والبدع ..ثم ذكر أن الذي رواه الأئمة الثقات الأثبات كخليفة بن خياط والدارقطنيأنهما لما اجتمعا للنظر في الأمر عزل عمرو معاوية اه ملخصاً ) .
( تحذير العبقري من محاضرات الخضري ، 2 / 86-91 ) .
| |
|
شروق الشمس عضو ماسي
الجنس : عدد المساهمات : 295 تاريخ التسجيل : 04/08/2009
| موضوع: رد: قصة التحكيم بين علي ومعاوية السبت 09 أكتوبر 2010, 11:19 | |
| | |
|