السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأرق .. هل له دوما أسباب كامنة؟
يقول الدكتور مايكل ثوربي،طبيب الأعصاب ومدير مركز اضطرابات النوم والاستيقاظ بمركز مونتفيور الطبيفي برونكس: إن «الجميع يعانون من عدم القدرة على النوم في بعض الليالي،لكن معظم الناس لا يعانون من اضطراب الأرق.
وعادة ما يحدث اضطراب الأرقعندما يحدث الاضطراب في النوم لمدة لا تقل عن شهر، على الرغم من أن وجودمشكلات في النوم لعدة أيام قد يكون كافيا لضرورة الخضوع للعلاج».
وتلقى الدكتور ثوربي والدكتورة شيلبي فريدمان هاريس، الإخصائية النفسية ومديرة برنامج طب النوم السلوكي في المركز، في الآونة الأخيرة أسئلة من القراء بشأن الأرق، على مدونة تسمى «كونسالتانتس».
تساؤلات حول الأرق
وفي هذاالمقال، يجيب الدكتور ثوربي والدكتورة هاريس عن تساؤلات القراء بشأن ماإذا كان الأرق يحدث دوما نتيجة لبعض الأمراض الكامنة، مثل الإجهاد أوالألم، أو ما إذا كان يمثل أحد الاضطرابات المنفصلة.
هل يرتبطالأرق دوما بأحد الأسباب الكامنة (الألم المزمن، الإجهاد، القلق،الاضطراب، وغيرها) أم أنه من الممكن حدوث الأرق من غير وجود أي من الأسبابالكامنة؟
وعلى الجانب الآخر، إذا وُجِد حل للأسباب الكامنة للأرق، فهل من الممكن استمرار المعاناة من الأرق؟
- أجاب الدكتور هاريس والدكتور ثوربي بما يلي:«هذا سؤال عظيم، وهو واحد من الأسئلة التي سببت الكثير من النقاش في طبالنوم على مدار الأعوام الماضية. وباختصار، من الممكن أن يعاني الشخص منأحد الأسباب الكامنة ومن الأرق.
لكنبمجرد معالجة السبب الأصلي، قد تستمر حالة الأرق، التي تتطلب علاجا خاصابها. وقد كانت النظريات القديمة تقر بأن الأرق يعتبر دوما عرضا ثانويالبعض الأسباب الكامنة، مثل الاضطراب الطبي أو العقلي أو النفسي.
لكنالمتخصصين في طب النوم يعتقدون أن الأرق يحدث لدى عدد صغير من المرضى، مندون وجود أي اضطراب كامن معروف. وعلاوة على ذلك، عندما يوجد أي سبب طبي معالأرق، فليس من الضرورة أن يعني ذلك، أن الاثنين مرتبطان.
وعليه،نشير نحن كمتخصصين في طب النوم الآن إلى هذا الارتباط بأنه (اعتلال مشترك)بدلا من (ثانوي)، الذي ينطوي على أن أحد الأعراض يسبب الآخر»، لذا قديعاني الفرد من الأرق المصاحب للاكتئاب، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنالاكتئاب سبب الأرق.
وقد يكون الاكتئاب ناتج عن الأرق، وقد لا يكون هناك أي ارتباط بينهما. وقد لا يخفف معالجة التشخيص «الكامن» حالة الأرق.
مسببات الأرق
وفيحالات كثيرة، فإننا نعتقد أن الأرق غالبا ما يبدأ نتيجة لعدة مسببات. فقديكون بداية لاضطراب طبي أو عقلي، على سبيل المثال، أو بداية لطريقة علاججديدة.
وقد يسببالإجهاد أيضا الأرق، وقد يكون الإجهاد إيجابيا، مثل ميلاد طفل، أو وظيفةجديدة، أو زواج، أو سلبيا، مثل مخاوف مالية، أو كارثة، أو العمل لساعاتإضافية.
وعلىالرغم من أن الكثير من المرضى يستطيعون ربط بداية الأرق الذي يعانونه بسببمعين، إلا أن آخرين يعانون شكلا من أشكال الأرق من دون أي ارتباط كامن بأياضطراب آخر.
وهذاالاضطراب، الذي يسمى الأرق النفسي الفسيولوجي، غالبا ما يظهر على المرضىالذين كانوا يشكون من النوم الخفيف معظم حياتهم، ويميلون إلى التأكيد بشدةعلى النوم، والقلق بشأنه.
وحتىعندما يتم علاج الاضطراب الطبي أو النفسي، مثل الاكتئاب، بنجاح، فإن علاجالسبب الكامن لا يضمن أن اضطرابات النوم ستختفي. تشير مشكلة النومالمتواصل إلى أن الأرق يوجد باعتباره اضطرابا منفصلا، وليس ببساطة أحدأعراض حالة صحية أخرى.
علاج الأرق
وغالباما يسوء الوضع، نظرا لأنه، بمرور الوقت، يستخدم الأفراد، الذين لايستطيعون النوم، وسائل لمساعدتهم؛ إما في الحصول على مزيد من النوم أثناءالليل، أو الاستعاضة عن النوم بالليل عن طريق النوم بالنهار.
ومثل هذهالوسائل قد تشمل زيادة استخدام الكافيين، سواء بوصفة طبية أو بغيرها، أوالكحوليات أو القيلولة أو الذهاب إلى النوم مبكرا، أو أخذ إجازة مرضية منالعمل، أو ممارسة ضغوط إضافية على النفس من أجل النوم، وهكذا.
وهذه السلوكيات، التي قد تساعد في البداية، تعمل في الحقيقة على جعل الأرق أكثر سوءا على المدى البعيد.
وفي مثلهذه الحالات، قد يتطلب الأرق علاجا منفصلا خاصا به. وقد يكون العلاجالسلوكي المعرفي، أو إحدى الوصفات الطبية للعلاج، أو مزيج من الاثنين،مفيدا للغاية.
ويعدالعلاج السلوكي المعرفي نهجا قائما على الأدلة، ولا يعتمد على الأدوية، بليستند إلى المفهوم القائل إن الأرق المزمن، أو الأرق الذي يستمر لفترةأطول من أربعة أسابيع، يزداد بفعل مجموعة من العوامل الجسدية والسلوكية(تمت الإشارة إلى بعضها آنفا) التي لا ترتبط بصفة عامة بالنوبات القصيرةمن الأرق.
والعوامل التي تعمل على استمرار الأرق المزمن تصبح بعد ذلك بؤرة تركيز العلاج.
المصدر : جريدة «الشرق الأوسط»