المقدمة
الغش يعتبر من الموضوعات اللغوية ، والأدبية ، والتربوية ، والنفسية ،
والاجتماعية المعقدة ، وذلك نظراً
لتعدد أشكال الغش ، ومدلولاته ، ومستوياته ، وأساليبه ..... ولموضوع الغش
عدة جوانب تربوية ،
واجتماعية ، ودينية ، واقتصادية وأمنية ........ ويجمع الباحثون على أن
الغش عبارة عن سلوك لا أخلاقي
،وغير تربوي ، وينم عن شخصية غير سوية أو ناضجة وهذا السلوك على اختلاف
أشكاله يعتبر محرماً دينياً
فقال رسول الله علي الصلاة والسلام ( من غشنا فليس منا ) .
وهو مخالف لنداء الوجدان أو الضمير ومخالف لقيم الإنسان الأصيلة كقول
الشاعر :
وإن الغش مقبوح مشين ولا يبني قولا فاحذره
وكيف يكون للأوطان ذخراً على الغش من عودتموه
الفصل الأول
أولاً : تعريف الغش
الغش ظاهرة تدل على سلوك غير سوي ، سلوك منحرف وغير أخلاقي ، وهو سلوك مرضي
(بفتح الميم والراء ) يهدف إلى تزييف الواقع لتحقيق كسب مادي أو معنوي ،أو
من أجل إشباع بعض الحاجات أو الرغبات لدى الفرد والغش من الناحية
الأخلاقية مثله مثل الكذب والرياء والخداع وهذه الدلائل للغش تتفق مع ما
جاء في اللغة العربية من معنى للغش فيقال غشه ، ويغشه غشا ، أي لم ينصحه ،
وأظهر له خلاف ما أضمره، والغش يدل على الغل والحقد والخيانة.
أما تعريف الغش من الناحية التربوية فإنه يعرف بأنه : عملية تزييف لنتائج
التقويم ، كما يعرف بأنه محاولة غير سوية لحصول التلميذ على الإجابة من
أسئلة الاختبار ، وباستخدام طريقة غير مشروعة .
ويعرف علماء الاجتماع الغش بأنه ظاهرة اجتماعية منحرفة وذلك لخروجها عن
المعايير والقيم الاجتماعية التي يضعها المجتمع ولما تتركه من آثار سلبية
تنعكس بصورة واضحة على مظاهر الحياة الاجتماعية في المجتمع .
ثانياً : انتشار ظاهرة الغش في الاختبارات والواجبات الأكاديمية لدى طلبة
المدارس والجامعات .
نحن نعلم أن ظاهرة الغش موجودة لدى تلاميذ وطلبة المدارس والجامعات وفي
داخل المؤسسات العلمية التربوية وخارجها ، وبشكل فردي وجماعي ، ولدى الصغار
والكبار ، الذكور والإناث وتشير الدراسات إلى أن هذه الظاهرة انتشرت لدى
التلاميذ العاديين في تحصيلهم الدراسي وبين المتفوقين وكذلك لدى الطلبة
ضعاف التحصيل والذين يعانون من صعوبات في مجال التعلم .
فهناك دراسات تربوية أجريت في الوطن العربي في ظاهرة الغش من هذه الدراسات :
1. دراسة كل من جابر عبد الحميد ، وسليمان الخضري ( 1) عام ( 1980) إلى
وجود نسبة تقدر بحوالي (82 % ) من طلاب العينة قاموا بالغش في الامتحانات
مقابل نسبة تقدر بحوالي (69%) من الطالبات .
2. دراسة أجراها فيصل محمد خير الزراد ( 2) على عينة من طلبة وطالبات
المرحلة الثانوية في سوريا عام (1980) إلى أن هناك نسبة من الطلاب الذكور
تقدر بحوالي (31% ) يغشون في امتحاناتهم ، مقابل نسبة تقدر بحوالي (18%) من
الطالبات .
3. دراسة للباحث عمر سليمان بكيش ( 3) أجراها عام (1979) في مدارس الكويت
تبين منها وجود نسبة (40.7%) من الطلاب ، مقابل نسبة (37.6%) من الطالبات
كانوا قد غشوا في امتحاناتهم المدرسية .
وغيرها من الدراسات المتعددة كلها تشير إلى أن عملية الغش ، أو محاولات
الغش منتشرة بشكل واسع بين طلبة المدارس والجامعات وفي كافة المستويات
التربوية ،ولدى الذكور والإناث والطلبة المتفوقين والعاديين والضعاف في
تحصيلهم العلمي .
لذلك نتوقع بأن أساليب الرقابة في الاختبارات مهما تنوعت لا تكون مجدية
بشكل كلي والمشكلة ليست عدم وجود ضوابط قانونية وإنما المشكلة في الواقع هي
مشكلة إعداد التلميذ تربوياً ونفسياً وفكرياً وأخلاقياً
1 جابرعبد الحميد،سليمان الخضري (بعض العوامل المرتبطة بالغش المدرسي )
عالم الكتب ،(1980) ص345
2 فيصل محمد الزراد ( التخلف الدراسي وصعوبات التعلم ) دار النفائس ،بيروت
،(1995) ،ص93
3 عمر سليمان بكيش (دراسة حول ظاهرة الغش في الامتحانات لدى المرحلة
الثانوية )جمعية المعلمين الكويتين (1979)
ثالثاً : العوامل المؤدية إلى سلوك الغش(4)
لقد تعددت العوامل أو الأسباب المؤدية إلى الغش فمن أهم هذه العوامل :
1. عوامل التنشئة الأسرية والاتجاهات الوالدية في تربية الأطفال : إن
الدراسات التربوية والنفسية والاجتماعية أجمعت كلها على أهمية التنشئة
الأسرية للأطفال داخل الأسرة ، وفي المراحل المبكرة من أعمارهم فالأسرة بما
يسودها من عادات وقيم تلعب دوراً بارزاً في تعليم الطفل وفي اكسابه مجموعة
القيم الحسنة .
2. العوامل التربوية التعليمية: ومنها نظام الامتحانات ،الوسط المدرسي في
فترة الامتحان وخوف التلميذ من الامتحان، أسلوب وكفاءة المعلم في التعليم ،
المذاكرة الجيدة والنجاح والرسوب
3. العوامل الاجتماعية ( الطبقة الاجتماعية الاقتصادية ) : فغالبا نلاحظ أن
الطبقة العليا في المجتمع ما تشجع أو تضغط على ولدها من اجل احتلال مركز
اجتماعي مرموق على العكس من الطبقة الدنيا .
4 فيصل محمد الزراد
ظاهرة الغش لدى طلبة المدارس والجامعات ) دار المريخ
(2002)ص53
الفصل الثاني
أولاً : أساليب الغش في الاختبارات المدرسية
أجريت عدة دراسات كان الهدف منها معرفة الطرق أو الأساليب المختلفة التي
يستخدمها طلبة المدارس والجامعة في مجال الغش وغالبا ما تنحصر هذه الأساليب
في :
1. نقل الإجابة عن السؤال أو الجزء الهام منها من صديق مجاور في قاعة
الامتحان .
2. النقل من كتاب مقرر ، أو من مذكرة يمليها معلم المادة .
3. النقل من أوراق خاصة ومصغرة ومعدة لهذا الغرض .
4. نقل الإجابة من خلال مذكرات مكتوبة على مقعد الامتحان .
5. نقل الإجابة من خلال الكتابة على طرف الثياب أو راحة اليد .
6. نقل الإجابة من خلال الكتابة على منديل من الورق أو القماش .
7. نقل الإجابة على بعض الوسائل التعليمية التي يسمح بإدخالها قاعة
الامتحان مثل المسطرة والممحاة .
8. نقل الإجابة من خلال ورقة صغيرة يتم تبادلها مع صديق مجاور في الامتحان .
9. تبادل نفس أوراق الإجابة مع طالب آخر .
10.نقل الإجابة من خلال الحديث الشفوي مع زميل مجاور .
11. نقل الإجابة بالاعتماد على الرموز والإشارات المتفق عليها بين الطلاب .
12.نقل الإجابة من أجهزة اللاسلكي من خارج قاعة الامتحان .
13. نقل الإجابة من خلال الآلات الحاسبة .
14. وهناك أساليب نادرة ولكنها تحدث حيث يقوم أحد المراقبين ممن له صلة
بالطالب بمساعدة هذا الطالب .
15. احيانا يتم نقل الإجابة خارج القاعة وبعد توزيع أوراق الامتحان والتعرف
عليها يتم طلب الخروج للحمام وهناك يكون قد اعد وسيلة الإجابة .
16. وهناك أساليب غش وخداع ينظمها أفراد أو فرد من العائلة وهي عملية
اصطناع حالة مرضية أو إحداث جراحة للمكوث بالمستشفى ليتم تخصيص لجنة طبية
لكتابة التقرير تشرف على امتحان الطالب ويتم ترتيب عملية النقل وأحيانا يتم
استغلال حالة المدرس الاجتماعية وظروفه الصعبة ليتم دفع له مبالغ مالية
للحصول على الأسئلة .
وغيرها من الأساليب الكثيرة
ثانياً : أشكال الاختبارات المدرسية وسلوك الغش فيها :
تشير بعض الدراسات التربوية بأن بعض أنواع الاختبارات المدرسية أو الجامعية
من طبيعتها أنها يسهل فيها عملية الغش أكثر من غيرها ، كما أنها تدفع
الطلبة نحو الغش وذلك لأن عملية الغش فيها لا تحتاج إلى جهد أو تفكير
كبيرين وهذه الأسئلة هي الأسئلة الموضوعية في الأغلب كأسئلة أجب بنعم أو لا
أو أكمل الفراغ أو اختر الإجابة الصحيحة أو اختبارات الإجابة المحددة أو
القصيرة واختبار المطابقة بين الأفكار
أما احتمال الغش في الاختبارات التجريبية والعملية ضعيف جداً ، وكذلك
الاختبارات الشفوية
الفصل الثالث
أولاً : البحوث والدراسات في مجال الغش في الاختبارات
1. دراسة فاروق عبد فليه (1988) (4 ) : استهدفت الدراسة الكشف عن الأسباب
التي تكمن وراء ظاهرة الغش في الاختبارات ، وكظاهرة انحراف داخل النظام
التعليمي ، ومعرفة فيما إذا كانت هذه الظاهرة فردية أم جماعية وترجع إلى
الطالب أم إلى ولي أمره أم إلى المشاركين في الاختبار
2. دراسة حامد عبد السلام زهران ،وأحمد فوزي الصاوي ، وكرم محمد الجندي
(1975) وهي دراسة تجريبية تدور حول العلاقة بين الاتجاه اللفظي نحو الغش
وبين السلوك الفعلي للغش أو ما يسمى بالسلوك الظاهري
3. دراسة فاروق عبد الحميد اللقاني (1983) ( 5) : وقد استهدفت هذه الدراسة
تحديد العوامل التي تساعد على تفشي مشكلة الغش في الامتحانات تحديدا
موضوعيا ، وكذلك الخروج بالتوصيات والمقترحات التي تستهدف القضاء على هذه
المشكلة في مجال النظام التعليمي .
4. دراسة شكري سيد أحمد (6) : وقد استهدفت دراسته إلى التعرف على حجم ظاهرة
الغش في الامتحانات الجامعية ومدى انتشارها بين طلبة الجامعة وهل تتأثر
بعامل الجنس وبمستوى التحصيل ونوع التخصص .
5. دراسة سناء دروزة (7) (1977) : تهدف إلى معرفة أثر الجنس والعمر ومستوى
التحصيل الدراسي ( عوامل مستقلة ) على مقاومة الإغراء كعامل تابع على
اعتبار أن مقاومة الإغراء أحد الأبعاد الأساسية في النمو الخلقي .
ثانياً : طرق الوقاية والعلاج لحالات الغش في الاختبارات الأكاديمية
هناك بعض المقترحات التربوية أو الإرشادات التي هي بمثابة توجيهات للمعلم
وللطالب وللوالدين
أولا : مقترحات تربوية وقائية
1. من الضروري على المعلم الكشف عن حالات التخلف الدراسي ، وصعوبات التعلم
بصورة مبكرة قبل أن تتطور ويصحبها اضطراب في السلوك .
2. من الضروري على المعلمين والمربين توجيه التلاميذ فيما يتعلق بعادات
المذاكرة الجيدة ويمكن أن يتم ذلك بالتعاون مع الأسرة .
3. إن المعلم الناجح هو الذي يأخذ كافة احتياطاته ضد عملية الغش المحتملة
بين تلامذته خلال الاختبارات .
ثانياً : توجيهات إرشادية من أجل استعداد التلميذ للمذاكرة ولأداء الاختبار
1. على التلميذ مراجعة المادة الدراسية دوريا وعلى مدار العام الدراسي وأن
لا تجعل المادة الدراسية تتراكم لفترة طويلة من الزمن دون مراجعة .
2. العمل على إعداد جدول منظم يحدد فيه الأوقات المناسبة للمذاكرة ، والتي
تتناسب مع ظروف التلميذ الأسرية ، والمدرسية ، أوقات فراغ التلميذ .
3. على الأسرة والوالدين العمل على توفير وسائل الراحة للتلميذ من أجل
المذاكرة ، وإبعاد التلميذ عن كل ما يشتت الذهن
4. يمكن للتلميذ البدء بدراسة المادة العلمية التي يحبها والأكثر أهمية
والتي تحتاج إلى وقت وجهد وان يبدأ بتصفح المادة لأخذ فكرة ومن ثم يبدأ
بالحفظ تدريجياً .
5. يمكن للتلميذ بعد مراجعة مادته الدراسية أن يبدأ بطرح بعض التساؤلات على
نفسه ومحاولة الإجابة عنها .
5فاروق عبده فليه
ظاهرة الغش في الامتحانات ، التشخيص والعلاج ) النهضة
المصرية ،القاهرة (1988)
6 حامد زهران ( ظاهرة الغش في الامتحانات ـبحث تجريبي ) عالم الكتب ،
القاهرة ،(1975)ص12
7 فاروق عبد الحميد اللقاني :جمعية المكتبات المدرسية ،صحيفة المدرسة
،المجلد رقم (15)عدد1 القاهرة (1983)
8 سناء خالد دروزه (أثر الجنس والعمر ومستوى التحصيل في مقاومة الإغراء لدى
الأطفال )رسالة ماجستير غير منشورة الجامعة الأردنية ،عمان (1977) .